تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذن فالموصوف بهذا الوصف يعتبر حديثه، وهذا يعني: أن فيه نوع ضعفٍ وإنْ كان يسيراً محتملاً، ودون الوصف بصدوق ونحوُهُ الوصف بقولهم: صدوق له أوهام، أو صدوق سيئ الحفظ، أو شيخ، فهذه كلها تعني: بأن الراوي الموصوف بها يعتبر حديثه ودون ذلك الوصف بقولهم: صالح الحديث وصدوق إن شاء الله، ومقبول ونحو ذلك.

فالموصوف بهذه أيضاً يكتب حديثه للاعتبار، وينظر فيه ودون ذلك بقولهم: لين الحديث، وهذه مراتب التضعيف، ومع ذلك فالموصوف بها يكتب حديثه للاعتبار، ودون ذلك من يوصف بأنه ليس بالقوي، فهذا أضعف من الذي قبله، ومع ذلك يعتبر بحديثه. (تدريب الراوي 1/ 345).

فهذه مراتب كلها فيها نوع ضعف تتدرج من ضعف محتمل إلى ضعف يسير ينجبر بأدنى جابر، إلى ضعيف يحتاج جبره إلى متابع أو شاهد، وهذا النوع الأخير مراتب بعضها أضعف من بعض وكلها يعتبر بها.

إذا عرفنا هذا فإن الحافظ قد حدد مرتبة الراوي هنا فقال: صدوق له أوهام.

أما المعترض فإنه قال: بل ضعيف يعتبر به، وقد بينت بأن المراتب السابقة كلها فيها نوع ضعف، وكلها يعتبر بها، غاية ما في الأمر أن الضعف في بعضها محتمل، وفي بعضها يسير جداً ينجبر بأدنى جابر، وفي بعضها يحتاج إلى متابع.

إذن فأي مرتبة من هذه المراتب يريد بقوله: ضعيف يعتبر به؟! فإن قال: أُريد الضعيف الذي يحتاج جبر ضعفه إلى متابع قلنا: وهذا أيضاً ثلاث مراتب على الأقل: لين الحديث، وليس بالقوي وضعيف ومثله منكر الحديث عند غير العراقي، ومثله واهٍ ضعفوه عند العراقي، فأي هذه المراتب يريد؟

إذن فهذا حكم تعوزه الدقة؛ لأنه لا يعطي مرتبة معينة.

فإن قال: أريد المرتبة الأخيرة فقط، فقوله هذا إذا قرناه بما استدل به على هذا الحكم يكون كارثة؛ وذلك لأن هذا يعني أن المعترض يحكم على الرواة مع أنه لا يعي معاني مصطلحات النقاد وبيان ذلك:

أنه استدل على حكمه بضعف الراوي بقول ابن معين: لا بأس به.

ومعلوم لكل من له أدنى اطلاع في الحديث أن قول ابن معين: لا بأس به توثيق، وإن كان لا يعادل في قوته قوله: ثقة، وإنما يشتركان في مطلق التوثيق؛ وذلك لأن التوثيق مراتب، والتعبير بثقة أرفع عنده من التعبير بلا بأس به.

أما قول ابن عدي فيه: فلا يعد تضعيفاً؛ لأنه قد نفى أن يكون له حديث منكر جداً، وليس فيه نص على أن له حديثاً منكراً على الإطلاق إلا إذا أخذنا ذلك عن طريق المفهوم، وحتى لو أخذنا بهذا فلا يدل على الحكم بتضعيف الراوي؛ لأنه يوجد فرق كبير بين قولهم: منكر الحديث - وهو يدل على تضعيف الراوي عند غير أحمد – وبين قولهم: له حديث منكر، وهذا لا يدل على تضعيف الراوي، وإنما يدل فقط على تضعيف هذا المروي من حديثه وليس كل حديثه.

أما قول الذهبي فيه فلا يعد تضعيفاً، فالذهبي قد صرح في مقدمة الميزان: بأنه لا يذكر فيه من قيل محله الصدق، ولا من قيل فيه: لا بأس به؛ لأن هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق (ميزان الاعتدال 1/ 4).

فإن كان هذا لا يدل على التضعيف المطلق، ومع ذلك وصفه بأنه صدوق فهذا يعني أنه رفع مرتبته عن مرتبة من يقال فيه: محله الصدق (تدريب الراوي 1/ 344).

فإذا زاد على ذلك رواية مسلم له، فهذا يعني أن حديثه عنده لا يقل عن مرتبة الحسن، ولذلك حينما ذكر عمرو بن مسلم في الميزان حكم عليه بأنه صالح الحديث.

وأخيراً فإن الضعيف عند الحافظ ابن حجر، كما ذكره في مقدمة التقريب: مرتبة تعني: أن الراوي لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد في إطلاق الضعف ولو لم يفسر،وقد التزم الحافظ في المقدمة التزاماً عبَّرَ عنه بقوله: ((وإني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه وأعدل ما وصف به بألخص عبارة، وأخلص إشارة)) (تقريب التهذيب 1/ 3).

فهل يجد المعترض بعد ما بيناه أدق وأكثر إنصافاً من حكم الحافظ على عمرو بن مسلم الجندي: بأنه صدوق له أوهام؟ وهو نفس حكم الساجي حيث قال فيه: ((صدوق يهم) ونفس حكم الذهبي حيث قال عنه: صدوق روى له مسلم، كما نقله، المعترض نفسه عنه، وكما قال هو في الميزان: صالح الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير