تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو أن المعترض يرى أن الإنصاف يتجلى في الحكم عليه: بأنه ضعيف يعتبر به مع قول ابن معين فيه: ((لا بأس به))، وهو توثيق عنده، وقول أحمد: ((صدوق))، وذكره ابن حبان في " الثقات "؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ـ[ماهر]ــــــــ[02 - 09 - 02, 11:26 م]ـ

507 – (6977 تحرير) موسى بن طارق اليماني، أبو قُرَّة، بضم القاف الزَّبيدي، بفتح الزاي، القاضي: ثقة يغرب، من التاسعة. س.

تعقباه بقولهما: ((قوله: ((يغرب)) مما تفرد به ابن حبان، وأخذها منه المصنف، ولا معنى لذكرها)).

? قلنا: بل لها معنًى، فقد أغرب عن مالك، وقد ساق له ابن المظفر في " غرائب مالك " (ص 122 رقم 105) قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله بن شاكر، قال: أخبرنا محمد بن يوسف الزبيدي، عن أبي قرة، عن مالك، عن أبي الرجال، عن عروة، عن عائشة: ((أن رسول الله ? نهى أن يمنع نقع البئر)).

قلنا: هذا الحديث من غرائب موسى بن طارق، فقد رواه أبو مصعب الزهري (2901)، وسويد بن سعيد (280)، ومحمد بن الحسن الشيباني (838) ويحيى بن بكير عند البيهقي (6/ 152)، ويحيى بن يحيى الليثي (2170) جميعهم رووه عن مالك، عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته: أن رسول الله ? قال: ((لا يمنع نقع بئر)) (وانظر كلام ابن عبد البر في التمهيد 13/ 123 – 124).

وقد اعترف الدكتور بشار بأن موسى بن طارق يغرب، فقال في تعليقه على موطأ مالك رواية يحيى بن يحيى الليثي (2/ 290): ((وهو كما ترى لا يصح عن مالك لإغراب أبي قرة دون أصحاب مالك الثقات الأثبات الذين رووه مرسلاً)).

فليتنبه: إلى مدى دقة كلام الحافظ ابن حجر، ومدى قيمة كلام ابن حبان وليتنبه إلى تسرع إطلاقاتهم إذ قالا: ((قوله يغرب مما تفرد به ابن حبان))، إذ التسرع في إطلاق الأحكام يورث الاضطراب والتناقض.

نسأل الله الستر والعافية وحسن الختام.

ثم وقفنا بعد ذلك على كلام نفيس للعلامة الفقيه المحدث محقق العصر غير منازع ناصر السنة الدكتور هاشم جميل - حفظه الله، ومتعنا والمسلمين بعلمه ومعرفته - إذ قال: ((على وفق تعبير المعترض نقول: بل هذا الاعتراض لا معنى له؛ لان هذا تقرير لواقع حال، وهو لا يدل بالضرورة على وصف الراوي بصفة تقلل من شأنه؛ لأن الغريب ليس وصفا مختصا بالضعيف، وإنما هناك من الغرائب ما هو صحيح أو حسن أيضا، وتعبير الحافظ هذا مشهور من كلام النقاد حتى أصبح معروفا عن الإمام احمد – دون جمهور من المحدثين – بأنه إذا وصف الراوي بأنه منكر الحديث لا يعدونه جرحا؛ لأنه يعني بذلك أنه يغرب، والإغراب لا يعد على إطلاقه جرحا (قواعد في علوم الحديث للتهانوي: ص 260).

ثم إن من المعلوم أن الغريب منه ما هو صحيح كالأفراد المخرجة في الصحيح إذا كان المتفرد به ثقة، أو غير صحيح وهو الأغلب (قواعد في علوم الحديث: ص 33)، ولهذا: كان إبراهيم يقول: ((كانوا يكرهون غريب الكلام وغريب الحديث)).

وقال الإمام أحمد: ((لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب، فإنها مناكير، وعامتها عن الضعفاء)) (أصول الحديث: ص 361).

فمن هذا يتبين: أن الثقة الذي يغرب إذا كان ما يتفرد به إنما يتفرد به عن الثقات فهذا ليس فيه مأخذ عليه بل ينبغي أن يكون مدحاً له؛ لأنه قد انفرد بحفظ سنن هذه الأمة لولاه لضاعت، أما إذا كان يغرب عن الضعفاء، فهذا إذا كان لا يؤثر على كونه ثقة من حيث الإطلاق فإنه يؤثر على مرتبته بين الثقات؛ لأن من المعلوم أن الثقات على مراتب يقدم بعضها على بعض، كما أن الضعفاء مراتب؛ لأن الثقة الذي لا يروي عن غير الثقات أرفع مكانة من الثقة الذي يعتمد أحياناً الرواية عن الضعفاء، وهذا أرفع من الذي يروي عن الضعفاء أكثر منه وهكذا.

وذلك لأن الثقة الذي ينقي رجاله أوثق من الذي يروي عن كل من هَبَّ ودبَّ وهذا مهم جدا للترجيح بين أحاديث الثقات عند التعارض، وهذا سبب من أسباب ترجيح المراسيل بعضها على بعض، فإن أحد الأسباب التي رجحت بموجبها مراسيل سعيد بن المسيب على غيره، هو أن سعيداً ينقي رجاله، وهذا هو السبب في الحكم بجودة مراسيل طاوس، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي لأنهم ينقون رجالهم بينما ضعفوا مراسيل أبي العالية، والحسن، وقتادة؛ لأنهم لا ينقون رجالهم فيروون عن الثقات وغيرهم.

ثم إن معرفة الذين يغربون تنفع في معرفة مظان الغرائب، والعلماء يهتمون بذلك، ولهذا ألف المقدسي كتاب: " أطراف الغرائب والأفراد " وهو كتاب رتب فيه على الأطراف كتاب: " الأفراد " للدارقطني.

فهل تبين للمعترض مما ذكرناه المعنى الكبير لعبارة الحافظ: ثقة يغرب، وهل تبين له لماذا قلنا: بأن اعتراضه لا معنى له؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)). (مدرسة أهل الحديث في اليمن: ص 309 – 311).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير