تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنها مخطوطة، ووصف هذه النسخ، وذكر اماكن وجودها ..

يفعل هذا، وهذه الكتب اصبحت الآن مطبوعة، وفي متناول ايدي طلاب العلم، والباحثين، واصبح كلامه في هذا الفصل بحاجة الى مراجعة وتغيير.

ويعلم الله، بأني لم ارد الحط من هذه الطبعة، وفيها جهد علمي مميز، ولكني ذكرتها كنموذج للرسائل التي تترك سنوات طويلة، ثم تطبع كما هي، دون ادنى مراجعة.

المزلق الحادي عشر: «إهمال جهود المحققين السابقين»:

واعني بهذا المزلق: قيام احد الباحثين بتحقيق كتاب قد طبع قديماً، ولا يشير الى ذلك، او يشير اليها وينتقدها بشدة، مهدراً جهداً علمياً - ولو متواضعاً - للسابقين، الذين لم تخدمهم وسائل البحث العلمي الحديثة.

«مثال ذلك»:

قام احد الباحثين بتحقيق كتاب مسند في العقيدة، وكان هذا الكتاب قد طبع من قبل اكثر من طبعتين، وتداول الناس الطبعات القديمة، واستفادوا منها، ولكن هذا الباحث -وفقه الله - اشار الى طبعتين، وترك الثالثة، ولم يشر اليها، ولا اعلم هل اطلع عليها، او لا؟

وحسن الظن يقتضي القول الثاني.

وقد أطلعني احد الناشرين على تحقيق جديد للكتاب نفسه، ولم يشر محققه - عفا الله عنه - الى تحقيق الاخير، وقال: لانه ترك طبعة فلان، وتجاهلها، فأنا أترك طبعته، وأتجاهلها.

اخي طالب العلم: أسألك بالله: هل هذا كلام علمي، يصدر من طالب علم؟

انا لا اطالب المحقق بذكر الطبعات السابقة للثناء عليها، او لتجريحها، بل يذكرها من باب احاطة القارئ بها، ولا سيما ان بعض الطبعات يكون لها شهرة علمية كبيرة، ويكون اعتماد طلاب العلم والباحثين عليها لسنوات، يصعب معها تجاهلها، وان فعل ظن الناس به الظنون.

المزلقُ الثاني عشر: «تحقيق كتب اهل البدع والاهواء»

وأعني بهذا المزلق: قيام بعض المحققين بايعاز من بعض المؤسسات او من عند انفسهم بتحقيق كتب الزنادقة، واهل البدع، والاهواء، ونشرها بين المسلمين، بعذر نشر التراث العلمي للعرب والمسلمين.

ومن ذلك تحقيق كتب المعتزلة، والحلولية، والزنادقة، وغلاة الصوفية، ك:

«شرح الاصول الخمسة» للقاضي عبدالجبار بن احمد المعتزلي ت «415هـ».

وازالة الشبهات عن الآيات والاحاديث المتشابهات لابن اللبان الدمشقي الهالك بالطاعون سنة: «749هـ».

و «فصوص الحكم»، و «الفتوحات المكية» كلاهما للزنديق ابن عربي ت «638هـ».

وغيرها كثير ..

ولا شك ان في نشر هذه الكتب ترويجاً للباطل، ودعوة الى مذاهب: الاعتزال، والتصوف، والحلول، والاتحاد. والاصل في كتب هؤلاء ان تحرق ولا كرامة، ومن يقوم بتحقيقها، ونشرها بين المسلمين يساهم في الدعوة الى ما دعت اليه هذه الكتب، وان لم يقصد ذلك.

أما من أرادها من اهل الحق للاطلاع عليها والتوثق من نقولها، او الرد على بعض شبهها، فيمكنه الرجوع الى نسخها الخطية، وهي متوفرة - وللاسف الشديد - في المكتبات الخطية.

ونشر هذه الكتب مع الرد عليها، ليس عذراً مقبولا لاستحضار هذه المصيبة من عالم المخطوطات، الى عالم المطبوعات، لتباع بعد ذلك في المكتبات، وتشترى من قبل بعض الطلبة، ولا يدرون ما فيها، وان عرفوا، فهم لا يميزون ما فيها من حق وباطل، وان ميزوا الحق عن غيره، فقد تنطلي عليهم احدى الشبه، ويكون رد المحقق عليها هزيلاً، فترسخ الشبهة، ويميع الرد، والله المستعان.

«مثال ذلك»:

حقق الدكتور: فريد مصطفى - غفر الله له - كتاب «ازالة الشبهات عن الآيات والاحاديث المتشابهات» لابن اللبان الدمشقي ت «749هـ»، وقال في مقدمة تحقيقه «ص 1 - 2»:

«موضوع هذا الكتاب هو آيات الصفات وفق طريقة المؤوّلة، والمعطلة.

بل فيه إشارات الى غايات ابعد من ذلك، وفق طريقة المتصوفة، ومنهجهم (2).

وهذا الكتاب من الكتب النوادر، التي تحتل مكانة متميزة في موضوعها، اشار اليه اكثر من امام من الائمة الاعلام، كابن حجر العسقلاني، وابن السبكي، وابن العماد الحنبلي، وغيرهم (3).

ويتميز الكتاب بدقة ألفاظه، وجمال اسلوبه، وقوة حجته، فكان من الواجب اظهار هذا الكتاب مع الرد عليه، وبيان وجه الحق في هذه القضايا الاساسية، المتصلة بعقيدة الامة. ومواجهة الخصم من خلال اقواله، ونصوصه، مع الرد عليها، اقوى، واعظم فائدة، من تجاهلها، وغض الطرف عنها .. » أ. هـ.

اقول: إن كان الباحث - اي باحث - يريد خدمة الامة بالرد على اهل البدع والاهواء، ليسلك طريق الائمة، في الرد عليهم، وهو نقض اصولهم من خلال ما يكتبونه من الكتب والرسائل، الصغيرة والكبيرة، التي يبينون فيها مذهب اهل السنة والجماعة، ثم يذكرون مذهب اهل البدع والاهواء، والرد عليه من الكتاب والسنة.

هذا هو منهج الائمة والاعلام.

أما القيام بخدمة كتبهم، ونسخها، وطبعها محققة، ونشرها بين عامة المسلمين، بحجة تعريف الناس بمذاهب هؤلاء، ومن ثم الرد عليهم، فمزلق خطير، لا تسلم لمن قال به، او دعا اليه.

ويكفي في طرح هذا الكتاب - «ازالة الشبهات» - قول الحافظ ابن حجر رحمه الله في: «الدرر الكامنة» «3/ 421»:

«كتاب على لسان الصوفية، وفيه من اشارات اهل الوحدة، وهو في غاية الحلاوة لفظاً، وفي المعنى سم ناقع» أ. هـ.

وقد ذكر السبكي في «طبقات الشافعية الكبرى» «9/ 94»، وابن العماد في: «شذرات الذهب» «8/ 279».

انه بنى كتابه هذا على طريقة الصوفية.

وأستودعكم الله - تعالى - الى لقاء آخر في الحلقات القادمة - ان شاء الله - عن مزالق التحقيق ..


1 الكلام هنا مقتصر على الرسائل «المحققة» لا البحوث الموضوعية فهي على شرطي
2 لعله يقصد الاشارة الى القول بوحدة الوجود كما سيأتي في كلام الحافظ
3 نعم أشاروا إليه عند ترجمتهم للمؤلف، ولكن ما أشادوا به كما يظن من كلام المحقق وفقه الله
أما حسن العبارة وحلاوة اللفظ، فنعم أثنوا عليه في هذا الباب، أما من حيث المعنى وهو الأساس فينظر كلام الحافظ الآتي.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير