تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن عجيب استشهاده أنه يورِّي بمعنى الآية في الردّ على من يردّ عليه، قال: " في كتاب المصاحف لابن الأنباري أن بعض الزنادقة تمسّك بقوله - تعالى -: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة) - في الطعن على بعض الصحابة (يريد أن يجعل (منهم) للتبعيض)، والحق أن (مِنْ) فيها للتبيين لا للتبعيض؛ أي: الذين آمنوا هم هؤلاء. ومثله: (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم)، وكلهم محسن ومتّقٍ، (وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم)، فالمقول فيهم ذلك كلهم كفار ". وهو يورِّي بالآية الأخيرة عن التأنيب والتحذير لمن ذكر أنه يطعن على بعض الصحابة، رضي الله عنهم.

• مخالفة طريقته:

على أن ابن هشام قد يخالف طريقته هذه التي شرحتها في الاستشهاد بالقرآن الكريم، فيترك من الآي الأقرب والأنسب إلى غيره. ووجدت من ذلك:

1 - استشهاده للمفعول له المستوفي للشروط بقوله - تعالى -: (يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت)، ولِمَا فقد شرط المصدرية بقوله - تعالى -: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً)، وهو هنا الضمير، ولذا جُرَّ باللام. وترك في آية البقرة: (من الصواعق).

2 - واستشهاده لتعدية (نبّأ وأنبأ) إلى أحد المفعولين بالحرف بآي منها: (أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بأسمائهم)، (نبِّئوني بعلم)، ولتعديتهما إلى المفعولين بغير حرف بقوله تعالى: (من أنبأك هذا؟) في سورة التحريم. وترك في السورة نفسها التعدية بالحرف، وذلك قوله: (فلما نبّأت به)، (فلما نبّأها به).

3 - واستشهاده لوجوب تأخر الخبر إذا اقترن بـ (إلا) معنى بقوله - تعالى -: (إنما أنت نذير)، ولوجوب تأخره إذا اقترن بـ (إلا) لفظاً بقوله - تعالى -: (وما محمد إلا رسول). وترك: (إن أنت إلا نذير)، وهي شبه الآية الأولى.

4 - واستشهاده لاستعمال (حَسْب) استعمال الأسماء بقوله - تعالى -: (حَسْبُهم جهنم)، (فإن حَسْبَك الله)، فأتى به مبتدأ واسماً لـ (إن)، وترك: (حَسْبُك الله ? قريباً من موضع الأنفال المذكور.

خاتمة بتنبيهين

أحدهما: أني لا أزعم أن هذه المواضع كلها وشبهها مما استخرجه ابن هشام ولم يُسبق إليه، فلا أشك في أنه أخذ بعضها عمن سلف، ولكنّ الذي أنسبه إليه عنايته بهذا الفنّ، وتتبعه له، وحرصه عليه، واتخاذه طريقةً ومنهجاً في التأليف لا يكاد يتركه.

الآخِر: أني إنّما وَفَرْتُ الأمثلة لهذا المنهج وكثّرتها للإغراء بالانتفاع بها في تعليم العربية، وبمتابعة ابن هشام في هذا الفن، فيُنتحى نَحْوُه، ويُحتذى حَذْوُه، ويُقاس على حاضر ما ذُكِرَ غائبُه؛ إذ كان القرآن العظيم لا تنقضي عجائبه.

والله أعلم

لم أتمكن من إيراد الحواشي، والبحث بحواشيه في منتدى الألوكة، وهذا بيان

المصادر والطبعات

- الإعراب عن قواعد الإعراب، تحقيق د. علي فودة نيل، جامعة الرياض، 1401 هـ = 1981م.

- أوضح المسالك، إلى ألفية ابن مالك، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية، القاهرة، 1967م.

- تخليص الشواهد، وتلخيص الفوائد، تحقيق د. عباس مصطفى الصالحي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1406 هـ = 1986م.

- شرح بانت سعاد، لابن هشام، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1345هـ.

- شرح شذور الذهب، في معرفة كلام العرب،تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة التجارية، القاهرة، 1953م.

- شرح قطر الندى، وبلّ الصدى، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة التجارية، القاهرة، ط 11، 1383 هـ = 1963م.

- شرح اللمحة البدرية، في علم العربية، تحقيق د. صلاح رواي، القاهرة، ط 2، 1984 ـ 1985م.

- مغني اللبيب، عن كتب الأعاريب، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، دار الفكر، بيروت، ط 3، 1972م.

- نُزْهَة الطَّرْف، في علم الصرف، تحقيق د. أحمد عبد المجيد هريدي، مكتبة الزهراء، القاهرة، 1410 هـ = 1990م.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[19 Dec 2009, 09:46 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.

الأخ الفاضل الأستاذ محمد خليل الزَّرُّوق ـ حفظه الله ـ.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

لقد اطلعت على بحثكم القيم، و إني إذ أشكر لفضيلتكم حرصكم على الشاهد القرآني، و تدقيقكم في القضايا المنهجية المتصلة بالقرآن الكريم و النحو العربي، لأعتبر ما تقومون به تعميقا و تأصيلا للبحث في التفسير اللغوي للقرآن الكريم.

وفقكم الله لكل خير.

و جزاكم الله خيرا.

وتفضلوا أخي الكريم بقبول تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير