تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لماذا أطلق القرآن (بكة) على (مكة)؟]

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 01:25 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى فى الآية 96 من سورة آل عمران:

(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)

بينما قال في الآية 24 من سورة الفتح:

(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)

والسؤال الآن:

لماذا ورد اسم (مكة) المكرمة بالباء (بكة) في الآية المذكورة من سورة آل عمران بوجه خاص؟

وهل تخصيص هذا الموضع بذلك الاسم (بكة) ينطوى على سر دقيق من أسرار القرآن البيانية أو من أسراره التاريخية؟

أم أن لفظ (بكة) هو مجرد لغة فى (مكة)؟

ثم أيهما هو الأسبق ذكرا فى التاريخ مكة أم بكة؟

سوف أؤجل الجواب عن هذا كله ريثما استطلع آراء الأخوة والأخوات واجتهاداتهم فى تلك المسألة وبخاصة السؤال الأول عن سر اختصاص آية آل عمران بلفظ (بكة)، ومن بعد ذلك ان شاء الله تعالى سوف أعرض لما فتح به العليم الخبير فيها على العبد الفقير، والموفق هو الله

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[23 Jan 2010, 03:41 م]ـ

الأخ الكريم العليمي،

إليك تلخيصاً لما ذهب إليه شيخي في هذه المسألة:

1. المدينة اللبنانية بعلبك، اسمها يتألف من مقطعين: (بعل) و (بك)، أي بلد بعل. فقد كانوا يعبدون بعلاً. وعليه فمعنى بكة هو بلدة. وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك:"لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد .. ".

2. قوله تعالى:"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة .. "، الكلام، كما هو واضح، عن أسبقية المسجد الحرام في الوجود، وهذا مغرق في القدم، فناسب أن يذكر الاسم القديم لمكة. أما ذكر مكة في قوله تعالى:" ببطن مكة .. " فلأن الكلام عن حدث معاصر للرسول عليه السلام، ومن هنا لا يناسب ذكر الإسم القديم، بل الاسم المتداول، أي مكة.

3. الباء والميم حرفان شفويان (يخرجان من الشفة)، واتحاد المخرج يجعل من السهل تحويل الباء إلى ميم. وأمثلة ذلك كثيرة في اللغة العربية، ليس في المتحد مخرجاً بل بالمتقارب أيضاً؛ فاسم برهان مثلاً يلفظه البعض برهام. ومعلوم أن الميم أسهل في اللفظ من الباء ومن هنا يغلب أن يكون قد تم قلب الباء إلى ميم فأصبحت مكة، والعبرة بما ينطق الناس.

ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 04:19 م]ـ

أحسنت أخى البيراوى، بارك الله فيك، وكلامك قريب مما وجدته، واليك نص الجواب الذى كنت قد أعددته بالفعل:

((ان (بك) كانت تعنى (البيت المقدس) فى اللغة السامية القديمة، ومن أشهر الأمثلة على ذلك معبد " بعلبك " فى لبنان حيث نجد أن كلمة بعلبك مكونة من مقطعين هما: (بعل) و (بك) ويعنيان معا: (بيت البعل) أى (معبد البعل) فالبيت هنا (بك) يكتسب معنى القداسة لأنه بمعنى (المعبد) أو المكان الذى تقام فيه طقوس وشعائر عبادة البعل، ثم تم اطلاق اسمه بعد ذلك على المدينة بأسرها فأصبحت تعرف باسم مدينة بعلبك

والبعل كان يعد قديما الها كنعانيا فينيقيّا فى تلك البقاع، حيث كانوا يتخذونه الها للخصب والنماء وربّا للمطر والمياه، وقد أشار القرآن اليه فى قوله تعالى على لسان الياس عليه السلام: " أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين " (الصافات - 125)

ويمكن أن نلمس هنا قبسا آخر من اعجاز القرآن الكريم فى اختياره لصفة (أحسن الخالقين) على وجه الخصوص فى معرض المقابلة بين البعل من جهة، والله عز وجل من جهة أخرى، ذلك أن البعل كما قلنا كان يعد عند من عبدوه اله الخصب والنماء وهما من مقومات الخلق الحسن، ومن هنا ناسب ذكر الله عز وجل بصفته (أحسن الخالقين) لتمام المقابلة وابرازها فى أقوى صورة

ونعود الى اسم بكة فنقول:

على ضوء ما سلف ذكره من معطيات تاريخية وقياسا على أصل اسم مدينة بعلبك فانه يمكن لنا أن نستنبط كذلك أن مكة المكرمة انما كان اسمها القديم (بكة) لوجود البيت المحرم فيها، وأنه لذلك سميت البلدة كلها على اسم البيت مثلما سميت مدينة بعلبك كلها باسم بيتها المقدس (بعل - بك)

وهنا يتبدى لنا وجه الاعجاز القرآنى حين قرن بين اسم (بكة) وبين (أول بيت) من حيث أن لفظ (أول) يشير بطرف خفى الى الناحية التاريخية لأصل لفظ (بيت) والذى عرفنا الآن أنه كان ينطق (بك) فى اللسان السامى القديم الذى هو أصل اللسان العربى الفصيح

ومن هنا ندرك تمام المناسبة بين لفظ (بكة) وتعبير (أول بيت) فى آية آل عمران حيث لفظ (بيت) هنا يعنى (بيت عبادة) تحديدا وهو نفس ما يعنيه لفظ (بك) السامى القديم))

كان هذا ما وجدته، وهو لا يبعد عما ذكرته الا فى أمور يسيرة مع بعض الاضافات الأخرى

ولكن يبقى اعجاز آخر فى هذا الاسم يتعلق بمقارنة الأديان، و هذا ما سوف أعرض له فى مداخلة قادمة ان شاء الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير