تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة الرابعة)]

ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[05 Feb 2010, 02:39 م]ـ

يوميات الرحلة إلى مصر

(الحلقة الرابعة)

كيسنجر يعود إلى المنطقة

الأحد 13 كانون الثاني 1974م = 20 ذو الحجة 1393هـ

منذ أن قامت الحرب في 10 رمضان، ويسمونها في مصر (حرب 6 أكتوبر)، منذ ذلك الحين والعمل السياسي يعصف في الشرق الأوسط والوفود والزيارات والمحادثات تجري سراً وعلناً , وكان من بين شروط وقف القتال أن يتم تطبيق قرار مجلس الأمن 242 لسنة 1967 بمحادثات تجري بين الأطراف , وبدأت المحادثات وتم تبادل الأسرى على ضوء اتفاق النقاط الست الذي كان لكيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الدور الفعال في إبرامه، ثم بدأت محادثات الكيلو 101 على طريق القاهرة السويس، ولم تُجْدِ نفعاً، وبعدها في 20/ 12/1973 بدأت محادثات جنيف وصاحَبَها ما صاحَبَها، ولكنها أيضا وصلت إلى طريق مسدود في أول خطوة، وهي محاولة الفصل بين القوات على جبهة سيناء بالأخص، وهو الفصل الذي كان أحد البنود الستة , وحتى تمضي المسرحية إلى آخرها فإن كيسنجر يحاول أن يتدخل كل مرة لتحريك الشخوص على الخشبة بحيث تنسجم مع الخاتمة المنشودة، فجاء منذ أيام إلى مصر وذهب إلى إسرائيل، وصار يعود إلى مصر ويذهب إلى ما لا نهاية، يحمل المشاريع والخرائط ويحاول أن يُقَرِّبَ وجهات النظر ليمضي بخطوات السلام قُدُماً على حد تعبيرات السوق الآن، والصحف هنا في مصر تضع علامات استفهام على النتائج التي يمكن أن تسفر عنها هذه الحركة الضعيفة من المحادثات والتشكيك في ما يمكن أن تقدمه هذه المحادثات، ولكن لم نعد نسمع صوت العراق منذ أن غادرتُ العراق، وهو لا شك في أن حكومته الثورية لها رأي، ولكن خارج محيط الدائرة التي تجري داخلها الأحداث الآن.

سقوط المطر في القاهرة

الاثنين 14 كانون الثاني 1974م = 21 ذو الحجة 1393هـ

كنت أُمَنِّي نفسي أن أرى منظر المطر ينزل هنا في القاهرة , كنت في العراق في بيجي أطيل النظر في مثل تلك الأحوال التي تبعث في النفس هدوءاً وشعوراً لطيفاً وسعادة، وكان قد سقط مطر قبل ثلاثة أسابيع ولكنه لا يَبُلُّ الماشين في العراء، ويتكرر أن تغيم السماء ولكن لم يسقط المطر إلا يوم أمس، فقد جلبت الريح الغربية أمطاراً لا بأس بكميتها وسقطت أمس واليوم أمطار هنا في القاهرة وعلى الوجه البحري في مصر كما ذُكِرَ في الصحف , وفرحت بذلك! كنت في الشقة أنظر إلى تدافع الغيم في السماء ونزول القطرات متتابعة لتستقر على الأرض مؤتلفة , وشعرت لأول مرة أني في مدينة كبغداد , ولقد تذكرت الشتاء الذي قضيته في بغداد أو بعض الشتاء أيام الجندية، وكيف كنا نعاني والفقراء من السير في الشوارع الموحلة، والأمر هناك أهون مما نجد هنا اليوم، فإن مجاري المياه الخاصة بتصريف مياه الأمطار معدومة في شوارع القاهرة، ولهذا فقد غَدَّرَ الماء على الأرصفة بل غمر الشوارع أحياناً، والأرض التي لا يغطيها الماء تغطيها مادة سوداء لزجة، فالتراب عندما يبتل يكون طيناً، وهو مع كل ما فيه من إزعاج فهو لطيف، ولكن هذا الطين الذي يغطي الشوارع والأرصفة أسود كأنه مادة الفلانكوت (مادة قيرية لطلاء أسطح المباني) بسبب ما تراكم من عوادم السيارات على الأرض، ويشقى الناس من السير في الشوارع وتشقى السيارات أيضاً به، فإن جنباتها قد استحالت إلى لون أسود، ولكن يقال إن هذا لا يتكرر إلا مرة أو مرتين في الشتاء.

انقطاع الشغالة

الثلاثاء 15 كانون الثاني 1974م = 22 ذو الحجة 1393هـ

فجأة انقطعت الشغالة أم محمود عن المجيء، ومنذ يوم الأحد ونحن نحاول أن نقوم بأمور البيت، ولكن يبدو أنها لا تريد أن تستقيم إلا بشغالة , إن أم محمود قد تعلمت ما يحتاج إليه البيت العراقي أو ما يحتاج إليه العراقي من طعام، وهناك عدة احتمالات لانقطاعها منها أن زوجها قد عاد من ليبيا وهي تريد أن تستقبله، وهي أم لخمسة يسكنون في منطقة السيدة زينب , وكان زوجها قد ذهب إلى ليبيا للعمل , المهم أنها مأمونة الجانب، والاحتمال الآخر أنها "غاضبة" لأن الأخ خليل تكلم عليها قبل يوم لكثرة ما ترتكبه من خربطة (أي أخطاء) , فقد ذهبت إلى السوق لتشتري الخضر وكانت قد أخذت جنيهاً , وعادت بالخضر وبقية الجنيه وحاولت أن أستفسر عن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير