تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القصص القرآني بين الوحي الإلهي والانحراف البشرى]

ـ[د. أنورإبراهيم]ــــــــ[30 Dec 2009, 03:14 ص]ـ

[القصص القرآني بين الوحي الإلهي والانحراف البشرى]

الدكتور: أنور إبراهيم منصور

الأستاذ المساعد بجامعة الطائف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

فإن القرآن الكريم بحره عميق، وفهمه دقيق، تفاوتت فى فهمه الأذهان، وتسابقت في إدراك دقائقه وعجائبه العقول والأبصار.

قرع الله به آذان أهل اللسان فكان وقعه أقوى من السنان، وتحداهم به فى عبارات صارخة ولهجة واجزة عن محاكاته فى معانيه، أو المجيء بمثل مبانيه، فما فعلوا رغم تمرسهم فى البيان، وتملكهم ناصية الفصاحة والكلام، واستمر العجز والضعف عن مصاولته رغم تراخى الزمن وتقدمه، وكأنما الناس أمام وجوه إعجازه منذ نزوله إلى اليوم إنسان واحد!

ومنذ نزول القرآن على قلب النبى صلى الله عليه وسلم والمسلمون عاكفون عليه قراءة وتدبراً، ودراسة وتأملاً، لا يفارق قلوبهم، ولا يغيب عن حاضر حياتهم حتى وقفوا على آياته آية آية، وعدوا كلماته كلمة كلمة، وأحصوا حروفه حرفاً حرفاً، وبحثوا فى وجوه إعجازه حتى أعياهم إحصاؤها، فأقروا بعجزهم عن دركها والوصول إلى جميع مكنونها فانتهوا إلى أن وجوه إعجازه لا نهاية لها.

ومن جملة وجوه الإعجاز القرآني التي خاض العلماء في بيانها: ما اشتملت عليه آياته من حديث صادق عن الأمم البائدة والقرون السالفة.

تناول هذا الجانب ـ القصة القرآنية ـ فئات كثيرة من العلماء منهم المفسرون وعلماء التاريخ، بالإيجاز تارة وبالإطناب أخرى، اقتصر بعضهم على الخبر الصحيح، وتوسع آخرون فنقلوا ما صح وما لم يصح، وخاضوا فى أمور لا طائل من وراء ذكرها اللهم إلا تسويد الصحائف وتشتيت الأذهان.

على حين لبس بعضهم ثوب الدفاع عن القرآن وارتفع صوته بحجة الإصلاح ودفع عادية الأعداء، فراح يحلل قصص القرآن على غرار القصص الأدبي فإذ به ينزلق فى متاهات وظلمات ..

وقد استخرت الله تعالى فى إعداد دراسة علمية تكشف أوجه الانحراف البشرى فى قصص القرآن وخصصت هذه الحلقة للحديث عن التعريف بمفردات العنوان فأقول وبالله التوفيق:

القصة فى اللغة والاصطلاح:

تدور مادة (قص) في المعاجم اللغوية حول: الشأن، والأمر، والتتبع، والخبر، والجملة من الكلام، والبيان .. وغير ذلك.

قال ابن منظور: يقال في رأْسه قِصّةٌ يعني الجملة من الكلام.

والقاصّ الذي يأْتي بالقِصّة من فَصِّها ويقال قَصَصْت الشيء إِذا تتبّعْت أَثره شيئاً بعد شيء ومنه قوله تعالى " وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ " أَي اتّبِعي أَثَرَه.

ويجوز بالسين قسَسْت قَسّاً.

والقِصّة: الخبر. وهو القَصَصُ، وقصّ عليّ خبَره يقُصُّه قَصّاً وقَصَصاً أَوْرَدَه.

والقَصَصُ الخبرُ المَقْصوص بالفتح وضع موضع المصدر حتى صار أَغْلَبَ عليه.

والقِصَص بكسر القاف جمع القِصّة التي تكتب.

والقَصُّ البيان، والقَصَصُ بالفتح الاسم والقاصُّ الذي يأْتي بالقِصّة على وجهها كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها.

والقصة: الشأن والأمر. يقال: ما قصتك؟ أي ما شأنك.

وقص أثره قصاً وقصصاً تتبعه، والخبر: أعلمه " فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا " أي رجعا من الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ نبين لك أحسن البيان.

قال الراغب: القصص: الأخبار المتتبعة. قال تعالى " إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ " " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ "، " وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ "، " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ "، فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ "، إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "، " فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ".

والأقصوصة: القصة الصغيرة، والجمع أقاصيص.

ومن خلال الاشتقاق اللغوي للكلمة نرى أنها تدور حول الكشف عن آثار ماضية نسيها الناس أو تغافلوا عنها وإعادة عرضها من جديد للتذكير بها لتكون لهم عبرة وآية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير