[ذكريات غانم قدوري الحمد ... (الحلقة الأولى)]
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[15 Jan 2010, 01:59 م]ـ
يوميات
الرحلةُ إلى مِصْرَ لدراسةِ الماجستير
الحلقة الأولى
تقديم
بقلم الدكتور عبد الرحمن الشهري
المشرف العام على ملتقى أهل التفسير، والأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود
عرفتُ الدكتور غانم قدوري الحمد لأول مرة من خلال كتابه (رسم المصحف: دراسة لغوية تاريخية) عندما اشتريته عام 1414هـ (1994م) من أحد معارض الكتب في مدينة الرياض، وقد انتفعت بذلك الكتاب كثيراً. وأخذت بعدها أتتبع ما أجده من مؤلفات وتحقيقات له في المكتبات أو معارض الكتب. وفي السنوات العشر الأخيرة بدأت تنشر دار عمار في الأردن كتباً جديدة له، مثل كتابه (أبحاث في علوم القرآن) و تحقيقه لكتاب أبي عمرو الداني (التحديد في الإتقان والتجويد) وكتاب القرطبي (الموضح في علم التجويد) وغيرها من البحوث والتحقيقات.
وقد دفعني ذلك عام 1419هـ لكتابة مقالة عن جهود الدكتور غانم قدوري الحمد في علم التجويد ودراساته التجديدية فيه، على أن أقوم بنشرها في إحدى المجلات، غير أني لم أبعث بها لأي مجلة حينها، وبقيت محفوظةً على جهازي حتى أَسستُ (ملتقى أهل التفسير) أواخر عام 1423هـ، فكانتْ هذه المقالةُ مِن أولِ ما نشرتهُ على صفحات الملتقى.
وقد اطلع على هذه المقالة محررو مجلة الفرقان الأردنية وهي مجلة تعنى بالشؤون القرآنية، فنشروها في العدد رقم (44) عام 1426هـ، ورأيتُ العدد فيما بعدُ فإذا فيه صورة للدكتور غانم وضعها القائمون على المجلة. وقد اطلع الدكتور غانم على المقالة في المجلة ودفعه ذلك للاشتراك في ملتقى أهل التفسير، وراسلني حينها، ثم توثقت العلاقة بيننا بعد ذلك من خلال المكاتبات والمشاركات في ملتقى أهل التفسير طيلة السنوات السبع الماضية.
والمطالع لمؤلفات الدكتور غانم قدوري الحمد يلمس فيها الجدية العلمية، وحسن العرض، ومتانة المعلومة، كما يلمس الأدب الجم في تناول المسائل وعرضها ومناقشة المخالفين، وهو أدب رائع افتقدناه كثيراً في الآونة الأخيرة، وهو أدبٌ رائعٌ ثمينٌ، ومِنْ أجودِ مَن يستحقُّ أنْ يُنسَج فيه على منواله الإمامُ محمد بن إدريس الشافعي في (الرسالة) و (الأم) وغيرها من مؤلفاته الرصينة، وقد زادت مؤلفات الدكتور غانم الحمد حتى الآن عن خمسين عملاً علمياً ما بين تأليف وتحقيقٍ تصبُّ كلُّها في خدمة علوم القرآن الكريم ولغته وتجويده وصوتياته، كما تتصل باللغة العربية بسبب لا يبعد عن خدمة القرآن الكريم.
والدكتور غانم قدوري الحمد ولد في تكريت سنة 1370هـ (1950م)، ودرس في المدارس الحكومية، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة الموصل وتخرج في قسم اللغة العربية سنة 1391هـ (1971م)، ثم التحق بدراسة الماجستير في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة سنة 1393هـ (1973م). وهو في هذه اليوميات والذكريات يحكي لنا طرفاً من أخباره وقصته منذ اتخذ القرار بالسفر من مدينته التي عاش بها وهي مدينة بيجي العراقية، إلى القاهرة بمصر لمواصلة دراسته العليا. وكيف انتقل من تلك المدينة العراقية الهادئة إلى القاهرة بأجوائها المليئة بالنشاط والحيوية.
وسوف تجدُ أيها القارئ في هذه المذكرات ما يدلُّك على حرص الدكتور غانم الحمد على وقته، وحسن استثماره في القراءة والاطلاع والاستعداد للدراسة والبحث بعزيمةٍ واجتهادٍ، وكيف تغلَّبَ على عقباتِ الغُربةِ وطلبِ العلمِ بالصَّبرِ والجدِّ والمواصلة، حتى أثمر ذلك أجملَ العواقب له شخصياً وللعلم الذي خدمه بعد ذلك.
وإنِّي لأجدها فرصةً سانحةً لإخواني طلابَ العلم الذين ما يزالون في بداية الطريق أن يستفيدوا من هذه المذكرات في الصبر والجلد على القراءة والبحث والتنقيب، واغتنام فرصة الشباب والمال والدَّعةِ في الاستزادة من العلم، وعدم الركون إلى اللهو وتضييع الأوقات الثمينة.
لقد دعوتُ الدكتور غانم الحمد إلى نشر مذكراته ليقيني بأنه سيفيد منها كثير من أمثالي ممن سيقرؤها، وقد تحقق ما كنت أرجوه بعد قراءتي لجزء من هذه المذكرات، وآمل أن تجد بقيةُ الأجزاءِ طريقها للنشر، والذي يعرف كتابات الدكتور غانم ومنهجيته العلمية الهادئة الرزينة يتوقُ إلى التعرف على هذه الشخصيةِ العلمية عن كثبٍ للإفادة من العوامل المؤثرة في تكوينه العلمي وصبغه بهذه الصبغة المتزنة في بحثها وكتابتها، وأرجو أن يجد طالبو المعرفة في هذه الذكريات شيئاً مما يتوقون له.
وقد لمستُ من خلال قراءتي لهذه المذكرات حرص الدكتور على الوقت، وحسن استثماره لوقته في القراءة والبحث مع ضيق ذات اليد وما أفضت إليه من صعوبات، كما لمستُ حسن خلقه ومراعاته لمشاعر الآخرين، ومبالغته في الاستعداد لكل الأمور. ولا شك أن من يملك مثل هذه الصفات فسوف ينجح في حياته، ويظفر بمطلوبه.
واليومَ بعد ما يقارب الأربعين عاماً من بدء تدوين هذه الذكريات قد تحقق من الإنجازات العلمية للدكتور غانم الحمد ما دفعنا في مركز تفسير دفعاً إلى أن نقول له باسم المتخصصين في الدراسات القرآنية: شكراً جزيلاً، وذلك في الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة في المدينة المنورة يوم الإثنين 23/ 10/1430هـ تقديراً لجهوده العلمية المتواصلة في خدمة البحث العلمي في حقل الدراسات القرآنية وما يتصل بها، ولو كان مركز تفسير يملك قدرةً على منحه جائزةً عالميةً ماديَّة لفعلنا، ولكنْ حسبه منَّا أنَّنا نحنُ الشريحةُ المستهدفة من بحوثه وكتبه قد أحببناه وانتفعنا بكتبه أيما انتفاع وأحببنا أنْ نعبر له عن شكرنا وتقديرنا العميق لجهوده ومؤلفاته، ولعل صدق حبنا وعميق تقديرنا يفي بتقصيرنا في تكريمه، وهذا من النجاح الذي حققه في الدنيا، وللآخرة خيرٌ وأبقى بإذن الله، والله لا يضيع أجر المحسنين.
اللهم اغفر لعبدك غانم قدوري الحمد، واجزه عنا وعن العلم خير ما جزيت به عبادَك الصالحين العاملين.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود
المشرف العام على ملتقى أهل التفسير
11/ 1/1431هـ
¥