تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[محل المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه]

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Feb 2010, 11:46 م]ـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..

فلا شكَّ أنه قد اشترك في العناية بالقرآن جميعُ علماء المسلمين، إذ هو المعين الأول، والنبع الصافي الذي يستقي منه الجميع في سائر العلوم والمعارف، وقد قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل: 89].

وقد تنوعت أبحاث العلماء المتعلقة بالقرآن، واختلفت باختلاف الفنون والمعارف، ومن تلك العلوم المهمة التي لها صلة بعلوم القرآن؛ علمُ أصول الفقه، الذي به تتكون ملكة الاستنباط والفقه، ولا يستغني عنه طالبُ العلم في غالب التخصصات الشرعية إن لم يكن في جميعها.

والناظر في مسائل أصول الفقه، يجد جزءاً منها خاصاً بالفقه، وكيفية استخراجه من الأدلة، وجزءاً آخر لا يختص بالفقه، بل له علاقة بعدد من الفنون والعلوم.

وأحببت في هذه الورقة المختصرة، أن أبين محلَّ الاشتراك بين علم علوم القرآن، وعلم أصول الفقه، ليسهل على دارس علوم القرآن معرفة المسائل المشتركة، فيسهل عليه مراجعة كلام الأصوليين فيها والاستفادة مما كتبوه.

ولكي يتم التصور لهذه القضية أودُّ أن أذكر تعريفاً مختصراً لعلم أصول الفقه، ومن ثمَّ أذكر محل تلك المسائل المشتركة باختصار.

تعريف أصول الفقه:

عُرِّف أصول الفقه باعتباره عَلَماً ولقباً على الفنِّ المعروف بتعريفات من أحسنها أنه:

(أدلةُ الفقه الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد) (1).

وعليه فإن مباحث علمِ أصول الفقه أربعة ـ ثلاثة منها مذكورة في التعريف ـ وهي:

1.أدلة الفقه الإجمالية:

وهي الأدلة الشرعية المتفق عليها ـ كالكتاب والسنة ـ والمختلف فيها ـ كقول الصحابي والاستحسان ـ.

2.وكيفية الاستفادة منها:

والمقصود طرق الاستنباط ودلالات الألفاظ، كالعام والخاص، والمطلق والمقيد، والأمر والنهي.

وفي هذا المبحث تكون المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه.

3.وحال المستفيد:

أي: المجتهد، ويدخل في حال المستفيد: مباحث التعارض والترجيح والفتوى، لأنها من خصائص المجتهد، ثم تدخل مباحث التقليد؛ لكون المقلد تابعاً للمجتهد.

وهذه المباحث الثلاثة هي التي اقتصر عليها التعريف، وبقي مبحث رابع وهو:

4.مبحث الأحكام:

وهذا المبحث لا يدخل في التعريف باعتبار أنَّ موضوع أصول الفقه هو الأدلة، فتكون الأحكام بهذا الاعتبار مقدمة من مقدمات علم أصول الفقه غير داخلةٍ في موضوعه (2).

وبهذا يتبين أن محل غالب المسائل المشتركة بين علوم القرآن وعلم أصول الفقه هي في مبحث كيفية الاستفادة من الأدلة.

وهذه الأنواع المشتركة والمدروسة في كلٍّ من عِلْمَي: أصولِ الفقه وعلومِ القرآن، أصيلةٌ في كلِّ علمٍ، فهي تشغل في علمِ أصول الفقه حيزاً كبيراً من المبحث المتعلق بكيفية المستفيد، وهو ربع مباحث علم أصول الفقه، وهي مؤثرة في استخراج الأحكام الذي من أجله وضع علم أصول الفقه.

كما أنها مؤثرة جداً في تفسير كتاب الله تعالى ـ من حيث الجملة ـ ولا يستغني عنها المفسِّرُ على وجه الخصوص، فدراستها في علوم القرآن أصيلةٌ أيضاً؛ لأن مقصود مباحث هذا العِلْمَ هو إعانة المفسر، كما قال الزركشي (ت: 794 هـ) في هدف تأليفه لكتابه: "ليكون مفتاحاً لأبوابه، وعنواناً على كتابه، معيناً للمفسِّر على حقائقه، ومطلعاً على بعض أسراره ودقائقه" (3)، وقال البلقيني (ت: 824 هـ) في بداية كتابه: "وأجعل ذلك مقدمة للتفسير" (4)، وقال السيوطي (ت: 911هـ) في بداية الإتقان: "وجعلته مقدمةً للتفسير الكبير" (5).

والله تعالى أعلم

24/ 2/1431هـ

ـــــــ

(1) انظر: شرح الكوكب المنير: (1/ 44).

(2) انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة: (21).

(3) البرهان: (1/ 9).

(4) مواقع العلوم: (147).

(5) الإتقان: (1/ 15).

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2010, 07:07 ص]ـ

أحسنت وفقك الله ورعاك.

هذه فوائد مهمة جداً، والتنبيه عليها في غاية النفع.

ليتك في حلقات هذا الموضوع تشير على القراء بأفضل كتب أصول الفقه التي تناولت هذه المباحث المشتركة، وحررت مسائلها.

وبهذه المناسبة فإنني أنصح القراء الفضلاء والمتخصصين في الدراسات القرآنية بقراءة كتاب (أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله) للأستاذ الدكتور الأصولي عياض بن نامي السلمي، وهو في مجلد واحد محرر، قرأته عدة مرات وانتفعت به كثيراً في مراجعة مسائل أصول الفقه، ومؤلفه متخصص متقن لأصول الفقه، وهو يُدرِّسه منذ أكثر من ثلاثين سنة، وهو لمن لا يجد وقتاً للاطلاع على مطولات الأصول مُهمٌ وكافٍ في مراجعة أصول الفقه إن شاء الله.

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[09 Feb 2010, 03:50 م]ـ

أحسنت وفقك الله ورعاك.

هذه فوائد مهمة جداً، والتنبيه عليها في غاية النفع.

ليتك في حلقات هذا الموضوع تشير على القراء بأفضل كتب أصول الفقه التي تناولت هذه المباحث المشتركة، وحررت مسائلها.

من الكتب المتميزة التي تناولت جزءاً مهماً من هذا الموضوع كتاب: (تفسير النصوص) للدكتور محمد أديب الصالح.

ولفضيلته كتاب مشابه له اسمه: (مصادر التشريع الإسلامي وأدلته).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير