[حديث مشكل في نزول قول الله تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين)]
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2010, 03:54 م]ـ
روى البخاري في صحيحه بكتاب الجهاد والسير في باب قول الله تعالى (لا يستوي القاعدون من المؤمنين):
عن مروان بن الحكم: أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله".
قال فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي فقال يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان رجلا أعمى فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه فأنزل الله عز و جل (غير أولي الضرر)
والمعنى: أن الآية قد نزلت بشكل معين وهو: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين { ... } والمجاهدون في سبيل الله"فلما شكا ابن أم مكتوم تم تعديلها فزيدت فيها عبارة "غير أولي الضرر".
وقد ذهب بعض أعداء الإسلام إلى أن هذا التعديل "المحمدي" يدل على أن القرآن ليس من عند الله بل هو من عند محمد الذي يعدّل لأصحابه آيات القرآن حسب الظروف والمواقف.
وهذا قول باطل متهافت جاء باعتباره رد فعل على اعتقاد المسلمين بتحريف التوراة والإنجيل، ولسنا هنا بصدد مناقشة هذه الفرية، ومعلوم أن أكاذيب هولاء - مهما بذل فيها من جهود - من الضعف بحيث يسهل الرد عليها جدا، ولكننا بصدد مناقشة هذا الحديث المشكل حقا
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2010, 03:56 م]ـ
وقد كان قولي من قبل في هذا الحديث هو: أن التعديل لم يقع من محمد صلى الله عليه وسلم وإنما من الله الذي يبدل آية مكان آية حسب ما يشاء ومتى ما شاء، ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يملك هذا الحق أبدا؛ قال تعالى (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ويفهم من قوله (مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي) أن الله تعالى يبدل منه ما شاء بما شاء. فالذي له الحق في التبديل هو الله وحده لا غيره، ولو فعل محمد ذلك – وحاشاه- لانتقم الله منه؛ قال تعالى: (ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) وهذا القول رغم وجاهته الظاهرية إلا أنه فطير جدا. وإذا كان هذا الحديث الصحيح قد ضبطه رواته - وهم ثقات - كل الضبط كما وقع تماما فإنه لا يبقى إلا قولي هذا الذي كنت أقول به من قبل؛ رغم أني أشك في وجاهته شكا عظيما.
وإذا كان ابن مكتوم قد شكا قبل نزول الآية فلا إشكال
وإذا كان قد شكا بعد نزول الآية كاملة فلا إشكال أيضا
وإذا كان قد شكا أثناء نزول الآية قبل أن يتم إنزالها كاملة فلا إشكال أيضا
وإذا كان قد شكا أثناء إملاء النبي صلى الله عليه وسلم إياها لزيد بعد نزولها كاملة فلا إشكال أيضا
أما إذا كان ابن مكتوم قد شكا بعد نزولها بشكل معين ثم تعدلت لأجل شكواه كما يفيده ظاهر الحديث السابق فالإشكال قائم
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[15 Feb 2010, 03:56 م]ـ
وقد تبين لي عند مقارنة روايات الحديث الصحيحة ببعضها أنه ليس هنالك من تعديل قد وقع في القرآن أصلا لا بسبب ابن أم مكتوم رضي الله عنه ولا بسبب غيره. ثم إن قوله تعالى (ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي) لا تعني بحال أن الله يبدل بعض القرآن أو يغيره وإنما المعنى الذي تحكيه الآية هو أن المشركين قد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم - لكي يرضوا عنه- أن يأت بقرآن آخر من الله ليس فيه سب آلهتهم، وإذا لم يفعل ذلك فليبدل تلك الآيات التي فيها السب على الأقل؛ فأمر الله نبيه أن يقول: إن ذلك لا يمكن أن يكون منه إطلاقا وإنما هو يتبع وحي الله لا غيره، ولا تعني الآية إطلاقا أن الله قد يغير شيئا في القرآن بعد إنزاله.
¥