تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[على قارعة التدبر]

ـ[إيمان]ــــــــ[30 Dec 2009, 04:05 م]ـ

[على قارعة التدبر]

ابراهيم السكران

1 - مناصحة ذاتية:

الله الله يا نفسُ بتدبر القرآن ..

الله الله أن يكون لكِ ورد يومي من التدبر لايفوتك مهما كانت الأعباء ..

يانفسُ ألا ترين كثيراً من الصالحين وكيف يتحدثون عما يرونه من فرق مبهر في حياتهم، وفرقاً عظيماً في فهمهم وصحة نظرهم واستقرار تفكيرهم ببركة هذا القرآن ..

ألا ترين كثيراً من الصالحين كيف يبثون شجواهم عما يجدونه في أنفسهم بعد تلاوة القرآن .. يتحدثون عن شئ يحسون به كأنما يلمسونه من قوة الإرادة في فعل الخيرات والتأبي على المعاصي .. وراحة النفس في صراعات المناهج والأفكار واحترابات التيارات ..

بل تأملي يانفسُ كيف تشرّف النبي ذاته بالقرآن!

تأملي يانفسُ كيف كانت حال النبي قبل القرآن، وحال النبي بعد القرآن، كما قال تعالى (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ماكنت تدري مالكتاب ولا الإيمان) وقوله تعالى (بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) ..

فانظر بالله عليك كيف تأثرت حال النبي بعد إنزال القرآن عليه، بل انظر ما هو أعجب من ذلك وهو حال النبي بعد الرسالة إذا راجع ودارس القرآن مع جبريل كيف يكون أجود بالخير من الريح المرسلة كما في البخاري، هذا وهو رسول الله الذي كمل يقينه وإيمانه، ومع ذلك يتأثر بالقرآن فيزداد نشاطه في الخير، فكيف بنفوسنا الضعيفة المحتاجة إلى دوام العلاقة مع هذا القرآن ..

بل انظر كيف جعل خاصية الرسول تلاوة هذا القرآن فقال (رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة).

وانظر إلى ذلك التصوير الشجي لحال أهل الإيمان في ليلهم كيف يسهرون مع القرآن (أمةٌ قائمة يتلون آيات الله آناء الليل)

أترى أن الله جل وعلا ينوع ويعدد التوجيهات لتعميق العلاقة مع القرآن عبثاًَ؟

فتارةً يحثنا صراحة على التدبر (أفلا يتدبرون القرآن) .. وتارةً يحثنا على الإنصات إليه (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتو) .. وتارةً يأمرنا بالتفنن في الأداء الصوتي الذي يخلب الألباب لتقترب من معاني هذا القرآن (ورتل القرآن ترتيلا) .. وتارةً يأمرنا بالتهيئة النفسية قبل قراءته بالاستعاذة من الشيطان لكي تصفو نفوسنا لاستقبال مضامينه (وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) .. وتارةً يغرس في نفوسنا استبشاع البعد عن القرآن (وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) .. وتارات أخرى ينبهنا على فضله، وتيسيره للذكر فهل من مدكر، وعظيم المنة به، الخ الخ كل ذلك ليرسخ علاقتنا بالقرآن ..

أيا نفسُ .. هل ترين ذلك كله كان اتفاقاً ومصادفة لا تحمل وراءها الدلالات الخطيرة؟!

2 - مع القلوب الصخرية:

الحديث عن قسوة القلب حديث ذو شجون، ومن رزايا هذا الزمن أن صرنا لا نستحي من المناصحة عن قسوة القلب بينما قلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة .. لكن دعنا يا أخي ندردش دردشة المحبوسين يتشاجون لبعضهم كيف يهربون من معتقلات خطاياهم ..

يا أخي والله لقد قرأت كثيراً كثيراً في كتب الرقائق والايمانيات والمواعظ، وجربت كثيراً من الوسائل التي ذكروها، وأصدقك القول أنني رأيتها محدودة الجدوى، لا أنكر أن فيها فائدة، لكن ليست الفائدة الفعلية التي كنت أتوقعها، ووجدت العلاج الحقيقي الفعال الناجع المذهل في دواء واحد فقط، دواء واحد لاغير، وكلما استعملته رأيت الشفاء في نفسي، وكلما ابتعدت عنه عادت لي أسقامي، هذا العلاج هو بكل اختصار (تدبر القرآن).

دع عنك كلما يذكره صيادلة الإيمان، ودع عنك كل عقاقير الرقائق التي يصفونها، واستعمل (تدبر القرآن) وسترى في نفسك وإيمانك وقوتك على الطاعات وتأبيك على المعاصي وراحة نفسك في صراعات المناهج والأفكار شيئاً لا ينقضي منه العجب.

كل تقصير يقع فيه الانسان، سواء كان تقصيرا علميا بالتأويل والتحريف للشريعة، أو كان تقصيراً سلوكياً بالرضوخ لدواعي الشهوة، فإنه فرع عن قسوة القلب.

وهل تعلم كيف تحدث قسوة القلب؟

قسوة القلب ناشئة عن البعد عن الوحي، ألا ترى الله تعالى يقول (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير