تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حتى الشِّسْع

ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[22 Dec 2009, 05:22 م]ـ

حتى الشِّسْع

كثير من الناس لا يلجؤون إلى الله، ولا يتضرعون إليه إلا إذا نزلت بهم عظائم الأمور وشدائدها من نحو المصائب الكبيرة كفقد الأحبة، وخسارة الأموال الطائلة، أو نزول الأمراض المستعصية، وما جرى مجرى هذه الأمور.

أما ما عدا ذلك فلا يخطر ببالهم الدعاء، والتضرع إلى الله؛ لظنهم أنها أمور يسيرة لا تستدعي الانقطاع إلى الله.

ولا ريب أن ذلك خطأ يجدر بالمسلم تجنبه؛ إذ اللائق به أن يعلِّق رجاءه بربه، وأن يسأله كل صغيرة وكبيرة من أمره؛ فَتَكَدُّر الوالدين على الولد، وسوء خلق الزوجة، ونفور الأولاد، وجفاء الأصحاب، وتكاسل مَنْ يعمل تحت يد الإنسان، وتَعكُّس بعض الأمور عليه، ونحو ذلك مما شاكله وجرى مجراه _ كل ذلك من البلاء الذي يحتاج إلى دعاء وإنابة.

ويرشد إلى ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سلوا الله كل شيء حتى الشِّسع؛ فإن الله _عز وجل_ لو لم ييسره لم يتيسر" (1).

والشسع: هو أحد سيور النعل، وهو الذي يُدْخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل.

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "حتى الشسع": إشارة إلى أن ما فوقه أولى وأولى، وأن الإنسان لا غنى له عن ربه _جل وعلا_.

والمقصود من ذلك أنَّ على العبد أن يتوجه إلى ربه في جميع حوائجه؛ فالله _عز وجل_ يحب أن يُسألَ، ويُرْغَبَ إليه في الحوائج، ويُلَحَّ في سؤاله ودعائه، بل إنه _تبارك وتعالى_ يغضب على من لا يسأله، ويستدعي من عباده سؤاله، وهو قادر على إعطاء خلقه سُؤْلَهم من غير أن ينقص من ملكه شيء؛ فلا يحسن بالعبد _والحالة هذه_ أن يدع الدعاء في دقيق أمره وجليله.

وقد جاء في أثر إسرائيلي أن موسى _عليه السلام_ قال: "يا ربِّ إنه لَتَعْرِضُ لي الحاجةُ من الدنيا؛ فأستحيي أن أسألك إياها يارب".

فقال الله _تعالى_: "يا موسى: سلني حتى مِلْحَ عجينتك، وعلف شاتك".

وكان بعض السلف _كما يقول ابن رجب_ يسأل الله في صلاته كل حوائجه، حتى ملح عجينته، وعلف شاته.

ولقد أحسن الشيخ المَكُّوْدي -رحمه الله- إذ يقول:

إذا عرضت لي في زماني حاجة ... وقد أشكلت فيها عليَّ المقاصدُ

وقفت بباب الله وقفةَ ضارعٍ ... وقلت إلهي إنني لك قاصدُ

ولست تراني واقفاً عند بابِ مَنْ ... يقول فتاه: سيديْ اليوم راقدُ

فإذا اعتاد الإنسان دعاء ربه، وسؤاله كلَّ شأن من شؤونه _ كان حريَّاً بالإجابة، جديراً بالعزة والكرامة.

*******************

(1) أخرجه الترمذي 2924، وابن السني في عمل اليوم والليلة (356)، وضعفه الألباني في الضعيفة (1362).

ولكن الحديث صحيح موقوفاً من قول عائشة موقوفاً عليها _رضي الله عنها_.

انظر مسند أبي يعلى (4560)، وعمل اليوم والليلة (357).

قال الهيثمي في الحديث: "رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبيدالله وهو ثقة" انظر المجمع 10/ 150.

ـ[هبة المنان]ــــــــ[23 Dec 2009, 01:31 م]ـ

أحسن الله إليكم، ونفع بكم ...

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير