[نقاش علمي للدكتور أيمن سويد حول صورة تلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي]
ـ[محمد بن عيد الشعباني]ــــــــ[08 Feb 2010, 01:28 م]ـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد ,فإن العلم آية محكمة أو سنة ماضية أو إجماع من العلماء المعتبرين , وهذا هو الفقه الذي عناه النبي صلى الله عليه سلم في حديثه الصحيح (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) أخرجه البخاري [2948، 3442، 6882، 7022] ومسلم في الزكاة باب النهي عن المسألة رقم (1037).
وهو الذي عناه ابن القيم بقوله:
العلم قال الله قال رسوله = قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة = بين الرسول وبين رأي فقيه
واتفق العلماء رحمهم الله تعالى على ذم التقليد , وعلى أن المقلد ليس بعالم , وقد حرج الأئمة الأربعة على من قال بأقوالهم دون أن يعرف دليلهم كما نقل ذلك الألباني رحمه الله في مقدمة صفة صلاة النبي صلى عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله: ومنها: الدعاء بدعوى الجاهلية والتعزي بعزائهم كالدعاء إلى القبائل والعصبية لها وللأنساب ومثله التعصب للمذاهب والطرائق والمشايخ وتفضيل بعضها على بعض بالهوى والعصبية وكونه منتسبا إليه فيدعو إلى ذلك ويوالي عليه ويعادي عليه ويزن الناس به كل هذا من دعوى الجاهلية. (زاد المعاد 2/ 428).
وقال رحمه الله: وكان دين الله سبحانه أجل في صدورهم وأعظم في نفوسهم من أن يقدموا عليه رأيا أو معقولا أو تقليدا أو قياسا فطار لهم الثناء الحسن في العالمين وجعل الله سبحانه لهم لسان صدق في الآخرين ثم سار على آثارهم الرعيل الأول من أتباعهم ودرج على منهاجهم الموفقون من أشياعهم زاهدين في التعصب للرجال واقفين مع الحجة والاستدلال يسيرون مع الحق أين سارت ركائبه ويستقلون مع الصواب حيث استقلت مضاربه إذا بدا لهم الدليل بأخذته طاروا إليه زرافات ووحدانا وإذا دعاهم الرسول إلى أمر انتدبوا إليه ولا يسألونه عما قال برهانا ونصوصه أجل في صدورهم وأعظم في نفوسهم من أن يقدموا عليها قول أحد من الناس أو يعارضوها برأي أو قياس.
ثم خلف من بعدهم خلوف فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا وكل إلى ربهم راجعون جعلوا التعصب للمذاهب ديانتهم التي بها يدينون ورءوس أموالهم التي بها يتجرون وآخرون منهم قنعوا بمحض التقليد و (قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) (الزخرف: 23) والفريقان بمعزل عما ينبغي اتباعه من الصواب ولسان الحق يتلوا عليهم (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) (النساء: 123).
قال الشافعي قدس الله تعالى روحه: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس.
قال أبو عمر وغيره من العلماء: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدودا من أهل العلم وأن العلم معرفة الحق بدليله. وهذا كما قال أبو عمر رحمه الله تعالى فإن الناس لا يختلفون أن العلم هو المعرفة الحاصلة عن الدليل وأما بدون الدليل فإنما هو تقليد.
فقد تضمن هذان الإجماعان إخراج المتعصب بالهوى والمقلد الأعمى عن زمرة العلماء وسقوطهما باستكمال من فوقهما الفروض من وراثة الأنبياء فإن العلماء هم ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وكيف يكون من ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم - من يجهد ويكدح في رد ما جاء به إلى قول مقلده ومتبوعه ويضيع ساعات عمره في التعصب والهوى ولا يشعر بتضييعه تالله إنها فتنة عمت فأعمت ورمت القلوب فأصمت ربا عليها الصغير وهرم فيها الكبير واتخذ لأجلها القرآن مهجورا وكان ذلك بقضاء الله وقدره في الكتاب مسطورا.
¥