[ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة السابعة)]
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[26 Feb 2010, 01:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تَطْمِين
الخميس 11 تموز 1974م = 21 جمادى الآخرة 1394هـ
مضى أكثر من شهر ونصف وأنا أتابع المواد التي سنمتحن فيها وأشعر أني قد بذلت جهدا لا بأس به، وفي الجانب الآخر أشعر أحياناً أني لم أُوَفِّ المادة حقها من الدرس .. وإزاء هذا الموقف تزدحم الأفكار وتضطرب، وتتسلل الشكوك والهموم وكأن مسألة الامتحان مسألة حياة أو موت – أعوذ بالله – كنت أمس قد التقيت بالدكتور محمد سالم الجرح أستاذنا في مادة اللغة العبرية واللغات السامية وبدا له مني بعض القلق على نتيجة الامتحان، ولكنه بالغ في طمأنتي على النتيجة وقال لا تفكر , أنا راضٍ عنك، وقد أَفَضْتُ ذلك الرضا على غيري، فاطْمَئِنَّ , ولكن لا يمكن أن أستسلم لمثل هذه الكلمات المعسولة بسرعة وسهولة، ولكن أليس هو أحد الأساتذة الذين يقررون مصير امتحاننا , الحق أنني نلت إعجابه بالبحث الذي قدمته له عن الكتابة العربية وتأريخها , ويمكنني القول: بفضل الله إنني قد نلت رضا كل الأساتذة الذين يدرسوننا، أولاً من خلال حضوري طيلة السنة , وثانياً بالبحوث التي قدمتها وكانت بمستوى مقبول، ولكنهم لا يزالون في حذر من الصمت الذي ألازمه ويغلب عليَّ طبيعة لا تطبعاً، حتى إن الدكتور بشر قد سألني أكثر من مرة بل أكد السؤال عما أفكر به من مشاكل أو أعانيه .. والحق أن كل مَن التقيت به حاول أن يطمئنني على الامتحان، ولكني قلق منه، وهذا القلق يلازمني هذه الأيام، وعسى أن أنتهي من الامتحان لأرتاح من بعض ذلك القلق، وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه، فأنال به أجر العاملين.
غداء في روكسي
الجمعة 12 تموز 1974م = 22 جمادى الآخرة 1394هـ
في الصباح انشغلت بقراءة كُتَيِّبٍ صغير لمحمد عوض محمد عن فن الترجمة، لأن أحد البحوث الثمانية المقررة في مادة الدكتور بشر هو الترجمة , وقد قررت أن أدرس أربعة بحوث من الثمانية فقط، إذ إن أربعة منها إنما هي دراسة كتب وأربعة خاصة بالموضوعات، وقد أخبرنا الدكتور بشر أن سؤالاً يأتي عن الثمانية البحوث يتضمن فرعين الإجابة عن واحد , أحد الفرعين عن الكتب والآخر عن الموضوعات، وعلى هذا قررت دراسة الموضوعات الأربعة: الترجمة , الأصوات عند سيبويه , النَّظْم عند عبد القاهر , الأصوات عند ابن يعيش، وقبيل الظهر تركنا البيت أنا والأخ خليل , ذهبنا إلى مصر الجديدة حيث صلينا الجمعة في جامع جديد قرب منطقة روكسي، وما كان لنا أن نذهب إلى هناك لولا أن الأخ أحمد الراوي كان قد دعانا , لتناول الغداء عندهم , وهو يسكن الآن قرب روكسي مع زوجته وطفليه حسن وصالح ووالده كاظم الراوي، ولا شك في أننا خرجنا قليلا عن بعض الضيق الذي نحن فيه فكانت انطلاقة عبر العديد من الموضوعات رغم ضيق الوقت , وكان والد أحمد يحدثنا عن بعض من سني حياته العلمية الأولى، وعدت إلى البيت بعد العصر وأنا أحاول أن أضع نفسي على الطريق بجدية أكثر وأن أتهيأ للأيام المقبلات بصورة أكثر عملية، فلم يبق بيني وبين الامتحان إلا هذا الأسبوع الآتي، فقد عانيت هذه الأشهر الطويلة من أجل أربعة أيام فقط، سيتقرر خلالها مستقبلي هنا في مصر، وقد أُعْلِنَ جدول الامتحانات، وأول يوم من أيام الامتحان فيه هو السبت لمادة اللغة الانجليزية، ثم يكون الأحد استراحة، وبعدها ثلاثة امتحانات متوالية يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء، لنكون قد أنهينا السنة بانتظار النتيجة.
شراء أرض في بغداد
السبت 13 تموز 1974م = 23 جمادى الآخرة 1394هـ
وصلتني رسالة صباح اليوم من الأخ سفر , ورسائله لم تنقطع عني أسبوعاً واحداً , فهو يكتب لي رسالة كل أسبوع، وكما يقول كل صباح يوم جمعة حين يكون في عطلته الأسبوعية , فجزاه الله خير الجزاء إذ إن رسائله تبعث في نفسي الطمأنينة والأمل، إلا أن رسالة اليوم تحمل بعض الأخبار الهامة بالنسبة للأسرة، من ذلك أن الأخ سالم قد التحق بالجندية من جديد، ومعنى هذا أن مزيداً من الأتعاب تنتظره والأسرة كذلك، جندي احتياط بسيط مرمي في أبي غريب، وحر تموز الصاعق يكاد يزهق الأرواح، ولا يدري أين ينتهي به المطاف, إن حياة الجندية من أذل ما يمكن أن تصل إليه المعاملة
¥