تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المأثور والتأويل في قول ابن عباس رضي الله عنه]

ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[12 Feb 2010, 05:35 م]ـ

[المأثور والتأويل في قول ابن عباس رضي الله عنه]

((أجل رسول الله))

قال البخاري: حدثنا محمد بن عرعرة: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس قال:

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس.

فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم، فسأل عمرُ ابنَ عباس عن هذه الآية:

{إذا جاء نصر الله والفتح}.

فقال: أجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه.

قال عمر رضي الله عنه: ما أعلم منها إلا ما تعلم.

رواه البخاري في صحيحه: (أبواب: المناقب / المغازي / التفسير)، ورواه الترمذي في سننه: (أبواب التفسير).

السؤال هل هذا التفسير من فهم ابن عباس الي شاركه عمر .. وغاب عن كبار الصحابة على جلالتهم في الإسلام من أمثال عبدالرحمن بن عوف؟.

أم هو رواية لها حكم الرفع إلا النبيء؟.

أم هو مأثور اجتهادي تتوافق فيه الأنظار؟.

وإذا كان فهماً للصحابة في الكتاب .. فهل يجوز أن نعتبر هذا منهجاً يقاس عليه في سور أخرى تحت عنوان فوائد مستفادة من السورة؟.

أعرض هذا الموضوع بوجازة ليكون النقاش أكثر فاعلية.

وبارك الله فيكم.

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[12 Feb 2010, 07:44 م]ـ

أخي الكريم عصام المجريسي وفقه الله، نعم يُعدُّ هذا المثال من فهم الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، من هذه السورة الكريمة، وقد أدخل عددٌ من العلماء هذا المثال في دلالة الإشارة الأصولية، وهذا الفهم منه رضي الله عنهما له قرائن تدلُّ عليه منها:

- أن الله لم يعلق الاستغفار بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بعمل الله عز وجل وذلك ليس بسبب الاستغفار، فعلم أن سبب الاستغفار غيره وهو حضور الأجل إذ العبد مطالب بأن يتطهر للقاء سيده فيقدم عليه وهو أهل لنواله.

- ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تسبيحاً واستغفاراً فلا يكون الأمر في: (فسبح بحمد ربك واستغفره) [النصر: 3] على النحو الذي هو حاصل منه من قبله بل هو ترقية في مقام العبودية تهيئة لانتقاله إلى الرفيق الأعلى.

ومنها: أن بقاءه صلى الله عليه وسلم مقرون بكمال الدين وحياً واستقرار أمره دعوة، وقد جاء نصر الله والفتح، فيلزمه اقتراب انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

- ومنها: أن الاستغفار مشروعٌ في خواتيم الأعمال الصالحة كالوضوء والصلاة والحج، فيُعلم من ذلك أنَّ أمره به وهو الملازم له إنما هو آية على خواتيم عمله، وأعلاها التبليغ وقد كمل بدخول الناس في دين الله أفواجاً.

- ومنها: أن السورة قد نزلتْ في حجة الوداع أيام التشريق فدل على أن الأمر بالاستغفار إنما جاء من بعد يوم المغفرة ـ يوم عرفة ـ فلا يبقى له إلا التهيئة للقاء (1).

قال السعدي (ت: 1376هـ) في وجه الاستنباط: " ووجه ذلك: أن عمره عمرٌ فاضل، أقسم الله به، وقد عهد أن الأمور الفاضلة، تختم بالاستغفار في هذه الحال، إشارة إلى أن أجله قد انتهى" (2).

قال ابن عطية (ت: 542 هـ): " وهذا المنزع الذي ذكره ابن عباس (ت: 68هـ) ذكره ابن مسعود (ت: 32 هـ) وأصحابه، ومجاهد (ت: 104 هـ) وقتادة (ت: 117 هـ) والضحاك (ت:102هـ)، وروت معناه عائشة (ت: 58 هـ) عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه عليه السلام لما فتحت مكة وأسلمت العرب جعل يكثر أن يقول (سبحان الله وبحمده اللهم إني أستغفرك) يتأول القرآن في هذه السورة (3)، وقال لها مرة (ما أراه إلا حضور أجلي) (4) وتأوله عمر والعباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقهما (5) " (6).

ومما ينبغي الإشارة إليه أن من الاحتمالات في مأخذ ابن عباس (ت: 68هـ) رضي الله عنهما أن يكون بنى استنباطه من الآية على ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم من فهمه حضور أجله عليه الصلاة والسلام من السورة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير