[أثر العقيدة على الشيخ ابن تيمية في توجيهه للآيات القرآنية]
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[15 Feb 2010, 06:40 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
[أثر العقيدة على الشيخ ابن تيمية في توجيهه للآيات القرآنية]
هذا هو العنوان الذي اخترته لهذه المشاركة، وهو جدير أن يكون عنوان رسالة علمية موضوعية يتم فيها اكتشاف أثر العقيدة في ابن تيمية في توجيهه وتفسير لبعض الآيات القرآنية التي خالف فيها جمهور المفسرين فيما سيتبين.
وأرجو من الباحثين الجادين التعامل مع هذا الموضوع بطريقة علمية، لا بطريقة التعصب المذموم والعصبية، فإن الحق أحق أن يتبع، وإن النقاش الجاد لا يثمر إلا الخير للمتحاورين، فإما التصميم على الحق، وإما الرجوع إلى الحق.
مقدمة مهمة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.
قال ابن حجر: وأحق الناس بما فيه من الوعيد قوم من أهل البدع سلبوا لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، أو حملوه على ما لم يدل عليه ولم يرد به، في كلا الأمرين مما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى، فهم مخطئون في الدليل والمدلول. اهـ
وقال بعض العلماء: إن النهي عن التفسير وارد في حق من يكون له في الشيء رأي وميل من طبعه وهواه، فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه ليحتج على تصحيح رأيه. اهـ
* * *
جاء في كتاب الاستقامة لابن تيمية:
قوله: "لا يقابله حد ولا يزاحمه عند:
قال ابن تيمية: ظاهره باطل؛ إذ ظاهره أن الله لا يقابله شئ من المخلوقات، ولا تنتهي إليه المحدودات، ولا يكون عنده شئ من المخلوقات، وهذا خلاف الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ فإن الله تعالى يقول (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون) وقال (وله من في السماوات ومن في الأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون) اهـ
ــــــــ
هذا التفسير الذي ذكره ابن تيمية لهتين الآيتين، وحمل فيه العندية على العندية المكانية، بحيث يتبادر لكل قارئ أن ثمة مسافة معينة تقطعها المخلوقات المحدودات لتكون عند الله قريبة من ذاته بعد أن كانت بعيدة عنها، تفسير مخالف لما عليه جماهير مفسري الأمة المحمدية قاطبة، وأهل السنة عامة، فكيف جعل الشيخ ابن تيمية إجماع سلف الأمة والكتاب والسنة دليلا على ما يخالف الكتاب والسنة وإجماع مفسري الأمة؟؟
فلا يبقى بعد هذا إلا أمر من أمرين:
1 ـ إما أن يكون جمهور مفسري أهل السنة قد خالفوا الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، فليسوا إلا أصحاب بدع وأهواء يصدق فيهم الوعيد الذي جاء في الحديث الشريف، وفيه أصلا طعن في الأحاديث التي تدل على أن الأمة ـ جمهور العلماء ـ لا تجتمع على ضلالة.
2 ـ وإما أن يكون جمهور مفسري أهل السنة الآتي ذكر بعضهم على حق، ومن خالفهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
وفيما يلي بعض أقوال أئمة التفسير في تفسير العندية المذكورة في الآيتين:
قال أبو حيان في البحر المحيط:
هم الملائكة عليهم السلام، ومعنى العندية: الزلفى والقرب منه تعالى بالمكانة، لا بالمكان، وذلك لتوفرهم على طاعته وابتغاء مرضاته. (ج4/ص450)
القرطبي: هو عبارة عن قربهم بالكرامة لا بالمسافة (الجامع، ج9/ص436)
الواحدي: يعني الملائكة، قال الزجاج: يعني أنهم بالقرب من رحمة الله تعالى ومن فضله. (الوسيط، ج2/ص441)
الزجاج: تأويله أنه قرب من رحمة الله ومن تفضله وإحسانه. (معاني القرآن، ج2/ص398)
البغوي: يعني الملائكة المقربين بالفضل والكرامة. (معالم التنزيل، ج3/ص321)
ابن عادل: المراد بالعندية القرب والشرف. (اللباب ج9/ص442)
قال الثعلبي في الكشف والبيان: (إن الذين عند ربّك) يعني الملائكة والمراد هو عند قربهم من الفضل والرحمة لا من حيث المكان والمعاقبة.
ومثال هذه التناقضات بين تفسير جمهور مفسري الأمة المحمدية وبين تفسير ابن تيمية متكررة، وهي أمر يدعو إلى البحث وراء هذا التباين الشديد، وما ينجر عنه من الأمور.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Feb 2010, 06:56 م]ـ
أبو عبيدة
لماذا بدأت بالنتيجة قبل تحقيق المسألة وتأصيلها؟
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[15 Feb 2010, 08:44 م]ـ
أين هو تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لهذه الآية؟ هو لم يفسر الآية. ولكنه استدل بها لقوله، دون أن يخالف ظاهر لفظ الآية، ولم يخرج عن ألفاظ الآية الكريمة، ولم يذكر "مسافة معينة" ولا "العندية المكانية" ولا "قريبة من ذاته" التي تنسبها له، فلعلك أخي تعيد صياغة ما كتبته هنا وما نسبته -خطأ فيما يظهر لي- إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وهو رَدّ على مَن أنكرَ أَن عندَ الله شيء، وقد أثبت الله تعالى لنفسه في هذه الآية العظيمة أن عنده من يسبحه ويسجد له ولا يستكبر عن عبادته ولا يستحسر.
ولو ذكرتَ لنا -بارك الله فيك- الجزء والصفحة لكلام شيخ الإسلام بارك الله فيك
وهذا يدل -فيما يبدو- على أثر توجيه القرآن الحكيم على عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لا العكس ..
والله أعلم
¥