ذهبوا إليه لكي يكتب مقالات في إحدى الصحف الرسمية مقابل المال، وبحجة الرد على الشيوعيين، فرفض أن يستخدم من قبلهم لتحقيق أهداف لهم. (راجع كتاب العبقري العملاق للأستاذ إبراهيم منير)
وبعد قيام الثورة عام 1952م حاولوا استمالته تارة بالإغراء وتارة بالتهديد لينحاز إليهم ضد قيادة الإخوان، فرفض ذلك بوضوح، ضاربًا المثل في الثبات والالتزام بالدعوة، رغم أن بعض الإخوان ممن كانوا أسبق منه استدرجوا وسقطوا في هذه الزحلوقة.
كان قد بلغ به التعذيب إلى حد لم يعد قادرًا معه على النهوض، فكانوا يحملونه إلى المحكمة العسكرية التي تنظر في قضيته، وقد كشف عن صدره وظهره أمام المحكمة فظهر آثار الضرب الشديد بالسياط، ونزفت رئتيه الكثير من الدماء، وربطوه في كرسي لمدة 4 أيام دون طعام ودون السماح له بالنوم حتى يكون في المحكمة فاقدًا للتركيز، وقتلوا ابن أخته نفيسة قطب- وهو رفعت بكر- أمامه وهم يعذبونه. (راجع كتاب العبقري العملاق صـ 44).
رغم مرضه الشديد في السجن وما حدث له من تعذيب حتى أوشك على الموت كان الشهيد يقول لإخوانه: "إذا حورب الدين فليس لأحد رخصة، وإذا حوربت الشريعة فلا يجوز لأحد أن يترخص، ثم العلماء أيضًا لا يجوز لهم أن يترخصوا بحال من الأحوال". (صـ 30 كتاب العبقري العملاق).
رجاه بعض إخوانه في السجن ألا يطبع كتاب المعالم حفاظًا على حياته حيث سيتربص به الشيوعيون، فرفض بإباء قائلاً: لا بد أن يتم البلاغ وقد سأله إخوانه: لماذا كنت صريحًا كل الصراحة في المحكمة التي تملك عنقك؟ فقال: لأن التورية لا تجوز في العقيدة، ولأنه ليس للقائد أن يأخذ الرخص". (صـ5 كتاب العبقري العملاق).
عندما كان في زيارة للأردن عام 1953 طلب أن يتصل بالقاهرة وذلك لشوقه لسماع صوت الوالد المرشد، كما قال هو.
وقبل إعدامه بيوم أوصى أخته حميدة قطب في الزيارة: "إن رأيت الوالد المرشد فبلغيه عني السلام وقولي له: لقد تحمل سيد أقصى ما يستطيع حتى لا يصل فضيلتك أدنى سوء". اهـ.
حيث كان الجلادون يشتدون في تعذيبه ليتكلم بأى شيء يدين الأستاذ الهضيبى. (صـ 55 من كتاب العبقري العملاق).
عرض عليه مجلس قيادة الثورة منصب وزير المعارف، ولكنه اعتذر، ورجوه أن يتولى منصب المدير العام للإذاعة فاعتذر ..
ساوموه على أقل من مجرد الاعتذار، ولو بالمداهنة، بكتابة ولو برقية تهنئة لعبد الناصر في أية مناسبة من المناسبات الكثيرة، فرفض في إباء وشمم. (ص 33 من كتاب العبقري العملاق).
بعد خروجه من السجن طالبته الضرائب بمبلغ أربعين ألف جنيه كضرائب مستحقة نظير كتبه، ثم بعدها ذهب إليه أحد كبار رجال المباحث وعرض عليه العمل كوكيل وزارة مع إعفائه من الضرائب المستحقة عليه، فاعتذر له عن عدم قبول ذلك.
وعرضوا عليه إنشاء مجلة إسلامية يتولى رئاسة تحريرها تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي كان يرأسها في حينها أنور السادات، وكانوا يقصدون جره للعمل ومشاركته فيه والعمل تحت رايتهم، فرفض كل ذلك لأنه كان يعرف مقصدهم ويقرأ ما وراء السطور. (راجع كتاب العبقري العملاق، صـ33).
عندما علمت أخواته البنات بأن فضيلة المرشد كلفه بقيادة مجموعة الشباب عام 1964م، أشفقوا عليه من الاعتقال مجددًا وهو في مثل حالته الصحية، فرجاه بعضهن أن يعتذر للأستاذ المرشد، فكان رده حاسمًا لهن: "لم أكن لأراجع الأستاذ المرشد في تكليف كلفنى إياه .. ". (صـ36 من كتاب العبقري العملاق).
وعندما أرسلوا أخته لتطالبه بالاعتذار نظير منع تنفيذ حكم الإعدام، كان رده عليها وعلى غيرها: عن أي شيء أعتذر؟ عن العمل مع الله؟ وقال للضابط الذى رجاه ذلك أيضًا:
"إن أصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض أن يكتب حرفًا يقر به حكم طاغية".
" لماذا استرحم؟ إن سجنت بحق فأنا أقبل حكم الحق، وإن سجنت بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل". (صـ41 العبقري العملاق).
انتمى الأستاذ سيد لدعوة الإخوان المسلمين سنة 1951م، وكان يعبر عن هذا بأعمق تعبير قائلاً: "ولدت سنة 1951م". (صـ14 كتاب العبقري العملاق).
نقرأ كلماته في محاضر التحقيق في 1965، فنجد النفسية القوية، والهدوء الواثق، وكيف يحوّل صفحات التحقيق إلى توضيح لدعوته وتوجيه للأمة ولمن يعملون للإسلام، ويواجه الحكم عليه بابتسامة هادئة وبشهادة في سبيل الله تمنى أن ينالها.
¥