3) ردَّ فضيلة العالم المحقق بكر أبو زيد على الاتهامات (أو الافتراءات) التي ساقها الشيخ ربيع بن هادي المدخلي بادعائه أن الأستاذ سيد قطب يذهب إلى فكرة وحدة الوجود، وينادي بخلق القرآن، ويرى أن للبشر حقًّا في التشريع مع الله، وهي اتهامات لا أصل لها.
ففب الظلال في تفسير سورة البقرة آية 116، 117، يقول الأستاذ سيد: "ومن هنا تنتفي من التفكير الإسلامي الصحيح فكرة وحدة الوجود". اهـ. وفي كتابه مقومات التصور الإسلامي ردًّا شافيًا على القائلين بوحدة الوجود.
ويقول فضيلة العالم بكر أبو زيد في شهادته عندما طالع كتب الأستاذ سيد: "فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا، وإيمانًا مشرقًا، وحقًّا أبلجَ، وتشريحًا فاضحًا لمخططات الأعداء للإسلام". اهـ.
4) نذكر هنا ما قاله الشيخ الألباني في حق الأستاذ سيد قطب: "إن كتابات قطب عليها نور وعلم، ويكفي أنه قتله أعداء الإسلام". اهـ.
أما بعد:
هل الدفاع عن العلماء المجاهدين وإنزالهم منازلهم أمر منكر خارج عن الدين أو هو من هدي الإسلام وأدبه؟
وأين هي مظاهر التقديس المزعومة؟ لو سألت أحدًا من الإخوان: أين قبر الإمام الشهيد أو الشهيد سيد قطب؟ لما أجابك غالبيتهم، وكم منهم يزوروه؟ لما وجدت إجابة من أحد، وأين هذه العصمة ونحن نقول: كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأين هذه الموالد والطقوس التي يقيمونها في ذكراهم أو حتى الهتاف بأسمائهم مثلما يفعل غيرهم؟
أما إذا دافع الإخوان عن علماء الإسلام وشهدائهم، وإذا ذكّروا الناس بمواقف الدعوة والتضحية وبكلمات الخير والنور، أيكون ذلك تقديسًا منهم أم إنه التحامل والافتراء؟
وقد يسأل البعض: هل نحن بحاجة إلى مثل كتابات الشهيد سيد قطب في هذه المرحلة الآن؟ الإجابة القاطعة تكون بنعم؛ حيث ما زالت الأمة تواجه حملة شرسة ضد قيم الإسلام، وتواجه محاولات من قوى عالمية للسيطرة عليها واحتوائها، وفي ظل عولمة الإعلام ووصوله بكل الأفكار والشبهات إلى الجميع تقريبًا يصبح التحصين ضدها والقوة في الدفاع عن قيم وأحكام الإسلام والتميز بها أمرًا لازمًا، وهو ما تقدمه كتابات الشهيد وغيره من العلماء المجاهدين، وبالتالي يجب الاستفادة من كتابات الشهيد في ظل الضوابط التي أشرنا إليها.
بشأن توليه القيادة وتوجيه مجموعة 65
هل كان قيامه رحمه الله بالإشراف على تربية وتنظيم وتوجيه شباب الدعوة في 1965م يعتبر خطأً حركيًّا وخارجًا عن سياسة الجماعة، أو سبب ضرر لها وانتكاسة؟
إن من يقول هذا الكلام لم يفهم دعوة الإخوان، ولم يعرف قواعد الإسلام ومبادئه، فمقياس الخطأ والصواب أو الضرر والفائدة لا يكون بالهوى الشخصي، وإنما بالرجوع لأحكام الشرع ومبادئ الدعوة إلى الله.
إن العمل والدعوة للإسلام في مناخ مناوئ له فريضة لازمة، وسيكون له تضحيات كالقابض على الجمر، وإن هذا هو واجب الدعاة وورثة الأنبياء مهما لاقوا من أذى.
فما قام به الشهيد ومن معه من شباب هو أداءٌ لواجب الدعوة وللأهداف التي آمنوا بها وبايعوا عليها.
إن قبوله قيادة الشباب في هذه الفترة وهو حديث الخروج من السجن يعاني من سوء الحالة الصحية وضيق المورد المالي، وذلك كي يربيهم على الإسلام، ويبعد بهم عن طريق العنف والانتقام، وقد أفادوا جميعًا بذلك، كان هذا يمثل قمة الثبات والتضحية وكسرًا لحاجز الخوف.
كما أن حركتهم هذه، وإن لم تشمل جميع الإخوان، حيث كانت في بدايتها؛ إلا أنها كانت في إطار المؤسسية، وتحت علم قيادة الجماعة وموافقتها، وما شهادة بعض أفراد الجماعة بعكس ذلك، إما لعدم علمه أو لخلطه في الأمر بين منع القيادة أية تجمعات للشباب تنتهج منهج العنف أو تسعى لرفع السلاح، وبين تأييدها للقيام بالتربية وحمل الدعوة.
كما أن قيام هذه الفئة المؤمنة وإقدامها على الحركة بالدعوة والتجميع والتربية وأمامهم مناخ السجون والاعتقالات والتعذيب من نظام طاغٍ لا يعرف قانونًا؛ كان في ذاته يشكل انتصارًا معنويًّا للإيمان والعقيدة التي ارتفعت وتسامت فوق كل ذلك، وتجاوزت الخوف مما سيحدث لها من بطش.
¥