تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويقول أيضاً: " على أنه بالرجوع إلى أصل القضية، وهي أن الحاكمية وحق تعبيد الناس وتشريع الشرائع لهم، هي أولى خصائص الألوهية، التي لا يدعيها لنفسه مؤمن ولا يقره عليها مؤمن بالله كذلك، وأن الذي يدعي حق الحاكمية، وحق تعبيد الناس لما يشرعه لهم من عند نفسه، إنما يدعي حق الألوهية، وأن الذي يقره على هذا الادعاء أو يحتكم إلى ما يشرعه للناس من عند نفسه – إلا مكرهاً، كارهاً، منكراً باليد أو اللسان أو القلب – فإنما يقره على ادعاء صفة الألوهية، وأن من يرفض تحكيم شريعة الله في كل شؤون الحياة، إنما يرفض الاعتراف بألوهية الله سبحانه ولو في جانب من جوانب هذا الكون، وهو حياة البشرية - وأنه من يقره على هذا الرفض فإنما يشترك معه في رفض ألوهية الله سبحانه في هذا الجانب – وأن الذي يرفض ألوهية الله لا يمكن أن يقال عنه إنه مسلم لله – مما يزعم ذلك بلسانه – طالما أن هذا الزعم مصحوب بفعل يناقض مدلوله، وهو إرادة التحاكم إلى الطاغوت وعدم التحاكم إلى شريعة الله، ومن باب أولى الحكم بالطاغوت، وعدم الحكم بما أنزل الله ... وأن الحكم بما أنزل الله لا يتحقق إلا بالحكم بنص شريعة الله، والرجوع فيما يختلف فيه مما ليس فيه نص إلى الله والرسول لا إلا أي مصدر آخر سواه .. ".

والمتأمل في النص يجد: أن سيداً وضع قيوداً وضوابط للحكم بكفر الشخص منها:

1 - الرضاء والإقرار بالكفر.

2 - إرادة التحاكم إلى غير الله.

3 - رفض حكم الله.

4 - وقبول حكم غير الله من غير إكراه، وأنه يستثنى الكاره والمكره، والمنكر بيده أو بلسانه أو بقلبه من هذا الحكم، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة من اعتبار مسألة الرضا وانعدام الإكراه سبباً في التكفير لمن فعل مكفراً.

وقد سبق معنا أن سيد - رحمه الله – يفرق بين تكفير المجتمع بصفته الجماعية كنظام ومؤسسات وقوانين وشرائع، وبين أفراد هذا المجتمع، حيث يرى أن الفرد المسلم يحكم له بالإسلام إذا نطق بالشهادتين ولم يعمل ما يناقضها، والحكم على الفرد بناءً على عقيدته وعمله.

ثانيا: شهادة بعض الأفراد على سيد بتكفير المسلمين:

باستقراء ما كُتب حول سيد نجد أن بعضهم ينسب إليه تكفير عموم المسلمين وأعيانهم بدون ضوابط، مستدلاً بأقوالٍ لأفراد على أنها شهادات على سيد تثبت ما نسب إليه، وأصحاب هذا الأقوال مشارب شتى:

1 - إما كتاب من التيار العلماني أو الاشتراكي الذي يحمل العداء لكل ما هو إسلامي.

2 - وإما جماعات التكفير والهجرة بناء على فهمهم لنصوص من كلام سيد قطب.

3 - وإما بعض رموز وأفراد حركة الإخوان المسلمين، أو بعض المندسين فيها.

4 - وإما بعض المنتمين إلى التيار السلفي.

وكلام هؤلاء كلهم في شهاداتهم على سيد بالتكفير ليس فيها نص واحد يدل على أن أحداً منهم سمع سيداً - رحمه الله – يقول " إن أفراد المسلمين اليوم كفاراً بالتعيين "، وإنما جميعهم ينسبون هذا الأمر إلى سيد بناءً على فهمهم للنصوص التي سبق ذكرها، والتي يطلق فيها سيد وصف الجاهلية على المجتمعات الإسلامية أو ينفي صفة الإسلام عنها أو عن بعض الأفراد، كما سبق بيانه من خلال استعراض تلك النصوص.

وفَهْمُ هؤلاء ليس حجة كافية لإثبات التهمة، بل إن المتأمل في كلامهم جميعاً يجد أن وراء ذلك:

- إما العداء الديني كما هو حال العلمانيين 0

- أو الخلاف التنظيمي أو الفكري مع سيد كما هو حال بعض من تكلم فيه من الإخوان أو السلفيين.

- أو عدم فهم مقصود كلامه وضوابطه لعدم جمعه للنصوص المتفرقة، أو غير ذلك من الأسباب.

وإذا كان هؤلاء يستندون إلى شهادة بعض الأفراد في نسبة التكفير لسيد بناءً على فهمهم لعباراته، فإن هناك أيضاً عدداً من العلماء المعاصرين له نفوا هذا التهمة استناداً إلى صريح كلامه لا إلى مفهوم كلامه ومنهم:

1 - أخوه الشيخ محمد قطب – حيث يقول عن سيد: " ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول: نحن دعاة ولسنا قضاة، إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس، ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله، لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير