الثاني: أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه: إنه شهيد، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي، صلى الله عليه وسلم، أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري - رحمه الله - لهذا بقوله: "باب لا يقال: فلان شهيد" قال في الفتح 90/ 6: "أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله، أو قُتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر" ا. هـ. كلامه.
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيداً أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى ذلك: "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله". وقال: "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً اللون لون الدم، والريح ريح المسك".
رواهما البخاري من حديث أبي هريرة، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن. والرجاء مرتبة بين المرتبتين، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولاً في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.
ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي، صلى الله عليه وسلم، بالوصف أو بالشخص، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ.
وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق، وهذا كاف في منقبته، وعلمه عند خالقه ـ سبحانه وتعالى"اهـ
وفي الأخير أذكر كلمة للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى حيث قال:" وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولاً في عصبية جاهلية يسمونه شهيداً " وصدق رحم الله تعالى وفي الأخير هذا ما أردت نقله من كلام العلماء في هذه المسألة وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
وأظن أن كلام الشيخ ابن عثيمين يزيل الإشكال عما يرد إلى الذهن من فهم الأحاديث التي تشهد بالشهادة على العموم , لا على سبيل الخصوص.
وهذا جزء بسيط من المسألة التي تطول كثيرا , ولكن فيه الكفاية فلسنا بحاجة إلى الإطالة ...
وفي الختام أحب أن أوجه كلمة إلى كل أخ وأخت , أن ينتبهوا إلى إطلاق الأحكام الشرعية قبل أن يعرفوا رأي الشرع فيها ...
منقول للفائدة
. http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18554&highlight=%CE%E6%C7%D8%D1+%E3%E4%CA%DE%C7%C9
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 May 2010, 12:22 ص]ـ
محل النهي عن القول: (فلانٌ شهيد) أو (الشهيد فلان): القطع له بالشهادة؛ كما قال ابن حجر و غيره
أما جوازه: فمن حيث الظاهر (ظاهر حال استشهاده)، إذا كان داخلاً في صنفٍ من أصناف الشهداء، الذين وَرَدَ بيانُهم في الشرع؛ فعن أبى هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالى؟ قال: «فلا تعطه مالك». قال: أرأيت إن قاتلنى؟ قال: «قاتله». قال: أرأيت إن قتلنى؟ قال: «فأنت شهيد». قال: أرأيت إن قتلته؟ قال «هو فى النار». رواه مسلم.
و هذا الحكم بالشهادة ليس خاصاً بذلك الرجل وحده، بل هو عام في كل مَن هذا حاله؛ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». رواه البخاري.
و عليه، فيجوز إطلاق الوصف بالشهادة على كل أفراد الشهداء - المنصوص عليهم في الشرع - على سبيل الظاهر من حال استشهادهم، لا على سبيل القطع بنياتهم و مآلهم؛ قال صاحب " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " في شرحه حديث (باب لا يقول فلان شهيد):
مطابقته للترجمة من حيث إن الصحابة لما شهدوا برجحان هذا الرجل في أمر الجهاد كانوا يقولون إنه شهيد لو قتل، ثم لما ظهر منه أنه لم يقاتل لله وأنه قتل نفسه علم أنه لا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد قطعاً؛ لاحتمال أن يكون مثل هذا، وإن كان يعطي له حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة. اهـ
و بهذا يمكن الجمع بين الأحاديث، و إلاَّ فكيف تُجرَى أحكام الشهداء على الأفراد المُعَيَّنين - ممن يدخلون في أصناف الشهداء في الشرع - إذا قيل بعدم جواز وصفهم بالشهداء؟
و نحسب أن مقتل الشهيد سيد قطب - رحمه الله - كان بسبب دعوته و عمله لتكوين الجماعة و الأمة المسلمة المتمسكة بدين الله، عقيدةً و شريعة؛ أخرج الإمام مسلم - بسنده - عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما تعدون الشهيد فيكم». قالوا يا رسول الله من قتل فى سبيل الله فهو شهيد قال «إن شهداء أمتى إذا لقليل». قالوا فمن هم يا رسول الله قال «من قتل فى سبيل الله فهو شهيد ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد ومن مات فى الطاعون فهو شهيد ومن مات فى البطن فهو شهيد». قال ابن مقسم أشهد على أبيك فى هذا الحديث أنه قال «والغريق شهيد». اهـ
صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم
¥