تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد أنزلت حاجاتي "بواد غير ذي زرع"

فقوله "بواد غير ذي زرع "اقتباس من القرآن الكريم (من سورة إبراهيم:37) وهو في القرآن الكريم معني به "مكة المكرمة"إذ لا ماء فيها ولا نبات , فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي هو: "لا نفع فيه ولا خير ".

* حكم الاقتباس فى ضوء ما يراه علماء الشرع:

إذا أردنا أن نقف على الحكم الشرعى فى قضية الاقتباس فإنه يجب علينا أولا أن نفرق بين حالتين للاقتباس الأولى أن يكون فى الشعر، والأخرى أن يكون فى النثر وإليك البيان:

أولا- الاقتباس فى الشعر

يرى بعض الفقهاء أن الاقتباس فى الشعر غير جائز أصلا لأنه يجب أن ينزه القرآن عن الشعر مطلقا وإن حسن الغرض وشرف المقصد إذ كيف يجوز ذلك فى ضوء نفى وصف الشعر عن القرآن الكريم بمقتضى آيات القرآن الكريم والتى منها قوله تعالى: "وما هو بقول شاعر "وقوله تعالى: "وما علمناه الشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين "وإذا كان بعض الفقهاء قد تحفظوا على الاقتباس من القرآن الكريم فى الشعر وإن كان فى مقامات شريفة، فإنهم قد أجمعوا على منع ذلك إذا كان الكلام غير لائق بالقرآن الكريم، وأما فى الأغراض اللائقة، فمنعه بعض المالكية وأجازه غيرهم، وخص بعض المجيزين أن يكون ذلك فى مقام الوعظ والثناء وفى النثر دون الشعر0 وقد وقع الاقتباس الجيد في الشعر أيضا من شعراء لا يشك فى حميتهم الدينية فلم ينكر عليهم، إلا من بعض المالكية.

ومن الاقتباس غير اللائق في الشعر قول القائل:

أوحى إلى عشاقه طرفه هيهات هيهات لما توعدون

وردفه ينطق من خلفه لمثل هذا فليعمل العاملون

وقال آخر:

قسما بشمس جبينه وضحاها ونهار مبسمه إذا جلاها

وبنار خديه المشعشع نورها وبليل صدغيه إذا يغشاها

لقد ادعيت دعاويا في حبه صدقت وأفلح من بذا زكاها

فنفوس عذالي عليه وعذري قد ألهمت بفجورها تقواها

فالعذر أسعدها مقيم دليله والعذل منبعث له أشقاها

وقد أثيرت قضية الاقتباس من القرآن الكريم فى الأعمال الأدبية والشعر حديثا بسبب عملين قد أثارا ضجة إعلامية وسخطا لدى الغيورين على القرآن

العمل الأول: تلك القصيدة التى نظمها الشاعر الفلسطينى محمود درويش وهي جزء من ديوانه "ورد أقل "الصادر عن دار توبقال المغربية عام 1986م. ولحنها أحد المطربين – هو المطرب اللبناني مارسيل خليفة - ليتغنى بها ومن فقراتها التى جاءت فيها:

"ماذا صنعت لهم يا أبي؟

الفراشات حطت على كتفيَّ،

ومالت عليّ السنابل،

والطير حطت على راحتي،

فماذا فعلت أنا يا أبي؟ ".

والشاعر يضع هذا المقطع بين مقطعين يذكر في أولهما عدوان إخوة يوسف عليه وفي الثاني يقول:

"همو أوقعوني في الجب،

واتهمو الذئب،

والذئب أرحم من إخوتي ..

أبتِ هل جنيت على أحد

عندما قلت إني: رأيت أحد عشر كوكبًا،

والشمس والقمر

رأيتهم لي ساجدين؟ ".

وهذا الجزء الأخير "إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين "هو جزء من الآية (4) من سورة يوسف 0

العمل الثانى: تلك القصيدة التى لحنها مطرب كويتى وتغنى بها – هو المطرب عبد الله الرويشد - وقد أثارت بلبلة عما قريب حيث جاء فيها:

الحمد لله رب العالمين

وإياك نعبد وإياك نستعين إياك

وحينما أثيرت هاتان القضيتان وكان ذلك فى وقتين مختلفين برز نفس السؤال عن حكم الاقتباس من القرآن الكريم فى الشعر، ولذا آثرت الإشارة إلى هذه القضية بإسهاب لأهميتها.

ثانيا- الاقتباس فى النثر

الاقتباس فى النثر لاشئ فيه إذا حسن الغرض وشرف المقصد وقد وقع فى كلام النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من ذلك الكثير، وقد برز ذلك فى رسائله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى الفرس وهرقل الروم وغيرهما، ففى رسالته إلى كسرى التى أرسلها مع عبد الله بن حذافة جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة "لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين "وهو اقتباس من قوله تعالى: "لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَياًّوَيَحِقَّ القَوْلُ عَلَى الكَافِرِينَ" (يس:70) وفى رسالته إلى هرقل الروم جاء: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسين أي الفلاحين ويأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون وهو اقتباس من قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَاوَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَوَلاَنُشْرِكَ بِهِ شَيْئاًوَلاَيَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 64)

وختاما وبعد هذا العرض يتضح لنا أن الاقتباس هو مباح بضوابط، أقلها ألا يكون فى الأعمال الماجنة التى لا ترعى لله حقا، فلعنة الله والملائكة والناس أجمعين على قوم لا يقيمون للدين شأنا {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (الشعراء:227)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير