تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم بعد ذلك يقرأ الانسان في مطولات التفسير قراءة مستقلة، وأعذبها وألذها تفسير الإمام فقيه الأخلاق والفروع ابن سعدي عليه رحمة الله، ومع ذلك فلا بد للانسان أن يطالع آثار السلف في تفاسير الأثر حتى لايصادم فهمهم دون وعي، وإذا سئل ابن عثيمين عن التفاسير فإنه كان يذكر ثلاثة دوماً ويمدحها ويثني عليها (ابن كثير، السعدي، الجلالين) فالشيخ كان يحب الدقة اللغوية للجلالين رحمه الله.

ورابعاً من أجمل الأمور أن يضع الإنسان لأهل بيته برنامجا في التفسير فيقرأون ويتبارون في الاستنباط ثم يراجعون التفسيرات المختصرة، والأصل في ذلك قوله تعالى (واذكرن مايتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) فالنبي كان يتلو على نسائه القرآن. وهذا له أثر لا يتصوره الكثيرون في تحبيب الأهل في القرآن والاقبال على الاستنباط منه، بل وستجد أهلك يصبحون دائمي التساؤل حول بعض استنباطاتهم للقرآن وهدايات آياته، وأهم من ذلك كله ستجد في أهلك قوة على الطاعة ونظرة مختلفة للدنيا وزخرفها، فهذا القرآن عجيب عجيب في تصحيح المفاهيم وتزكية النظرات والتصورات.

وخامسا:

لا أعلم درساً شرعيا في كل علوم الاسلام أسسه النبي صلى الله عليه وسلم وأصّله نظريا بنفسه إلا تدارس القرآن، فكل دروس الشريعة نوع من الاجتهاد في تنظيم العلم إلا تدارس القرآن فهو منصوص كما قال النبي في مسلم (ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) هذا هو أعظم الدروس الشرعية التي يحبها الله، ولذلك ما أجمل أن يضع الاخوان لبعضهم برنامجا أسبوعيا يحضّر كل منهم من تفسير معين ثم يتدارسون معانيه، هذا البرنامج دينامو إيماني ومنهجي في غاية التأثير.

والطرق كثيرة، والموضوع متشعب، والمتخصصون أبدعوا فيه، والمقصر يخجل من مناصحة الآخرين، ولكنه التذاكر والباحث في موضوع والله لم نقدره قدره بعد وماعرفنا اثره.

ولقد تأملت سيرة الصحابة في سير أعلام النبلاء وبعض طبقات ابن سعد وبعض حلية أبي نعيم فهالني والله ما رأيت من اقبالهم وتكثيف جهودهم في القرآن. وعلمت حينها مالذي منح أولئك تلك المزية، بل انظر في أبي العباس ابن تيمية الذي كتب في التفسير رسائل كثيرة، كتفسير آيات أشكلت، وتفسير سورة الاخلاص، وجمع مطولات في تفسير السلف نسقاً على الآيات (أكثرها مفقود) وجلس سنة يفسر سورة نوح، ومع ذلك حين اعتقل المرة الأخيرة في قلعة دمشق وسحبت منه الكتب والاقلام اقبل على القرآن وقال (قد فتح الله علي في هذه المرة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن) هذا ابو العباس يندم على تضييع أكثر أوقاته في غير معاني القرآن، برغم أنه من أئمة التفسير أصلاً! فماذا نقول نحن المقصرين مع كتاب الله.

اللهم اجعلنا من أهل القرآن، اللهم اجعل القرآن أنيسنا في ليلنا ونهارنا، اللهم شفع سورة تبارك فينا في قبورنا، اللهم اجعل البقرة وآل عمران غيايتان تحاجان لنا يوم القيامة، اللهم أحبنا بحبنا لسورة قل هو الله أحد، اللهم آمين، اللهم آمين ..

اخوكم/ ابوعمر

محرم 1431هـ

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير