تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[15 Jan 2010, 02:01 م]ـ

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد

فإن حياة الإنسان تمضي بلا توقف، وقد لا يجد الإنسان فرصة للالتفات إلى الوراء لتأمل ما مر به من أحداث، ومراجعة ما قام به من أعمال، وقد تأتي تلك الفرصة لكن الذاكرة لا تسعفه بكثير من تفاصيل ما مر به، فيستأنف مسيرته في ظل متطلبات الحياة المتتابعة، حتى تحين ساعة مغادرته هذه الحياة، فَتُطْوَى الصحف، وتَنْدَرِسُ الآثار، ويُفْضِي الإنسان إلى ما قَدَّمَ من عمل، قد سُجِّلَ في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

فإن أُتِيحَتْ للإنسان فرصة لتدوين بعض ما يمر به من أحداث أو يراه من مشاهد فإن مراجعة تلك المدونات قد تكون مبعث سلوة أو مصدر عبرة للإنسان إذا عاد إليها، لاسيما إذا تقادم عليها الزمن، وانمحى كثير من تفاصيلها من الذاكرة، وقد يجد فيها الآخرون مثل ما يجد كاتبها إذا عاد إليها، وقد يجدون فيها أشياء تجتذبهم لم تكن في حسبان كاتبها.

وكنتُ في سِنِيِّ حياتي الأولى في الجامعة أميل إلى كتابة يوميات بدأتْ بتسجيل أحوال الطقس، وما ينزل من مطر، أو يمر من موجات البرد أو الحر، أو تسجيل رحلاتي من بلدتنا (بيجي) إلى مدينة الموصل للدراسة في جامعة الموصل والعودة إليها، أو ذكر رحلة ترفيهية قمت بها مع مجموعة من الأصحاب إلى الجبل أو النهر، أو تدوين خبر وفاة قريب، أو نحو ذلك من أمور عامة أو خاصة، وكانت هذه اليوميات لا تتجاوز بضع كلمات أُدَوِّنَها في مفكرة صغيرة من الحجم الصغير الذي يوضع في الجيب، وأقْدَمُ مفكرة أحتفظ بها اليوم تعود إلى سنة (1968م = 1387 - 1388هـ)، وهي تضم أيام الفصل الثاني من السنة الدراسية الأولى، والفصل الأول من السنة الدراسية الثانية في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الموصل، وقد مضى على تدوينها أربعون سنة! كما أحتفظ بمفكرة سنة (1970م = 1389 - 1390هـ)، وهي من الحجم الصغير لكن صفحاتها تبدو ممتلئة وموضوعاتها متنوعة.

ويبدو أن صفحات المفكرة الصغيرة لم تعد تتسع لما كنت أرغب بتدوينه في تلك اليوميات، فاقتنيت المفكرة الكبيرة، بدءاً من سنة 1972م، وكانت المفكرات الصغيرة عرضة للضياع، فلم يبق منها إلا اثنتان، أما المفكرات الكبيرة فإنها بقيت كلها، وبعضها أكثر صفحاتها مكتوبة، وبعضها أكثر صفحاتها بيضاء، وأكبر قدر أحتفظ به من يوميات الأيام الخالية هو ما كتبته بين سنة 1972م وسنة 1976م، والسبب في ذلك هو أني عشت أكثر تلك الأيام وحيداً بعيداً عن الأهل، والوحدة والغربة من أكثر ما يثير العواطف ويبعث الأشجان، وقد يلجأ الإنسان إلى التعبير عن ذلك من خلال الكتابة، أما في الأيام التي عشتها بين الأهل في دعة، ثم في أسرتي التي تكونت سنة 1977م في ظل صخب الأطفال أو هموم متطلبات البيت فإني لم أكتب في هذه الأيام إلا القليل من اليوميات، اللهم إلا في أيام الحروب التي حدثت في العراق، خاصة بعد سنة 1991م، فإنها كانت مثيرة لكتابة يوميات تلك الأيام العصيبة.

وكنت أرجع إلى تلك اليوميات في بعض ساعات الفراغ، وأقرأ فيها، وأستعيد بعض ذكريات تلك الأيام وأتأملها، فتثير الشجن حيناً، وتبعث الدهشة حيناً، فأحمد الله تعالى على توفيقه، وأشكره على جميل ستره، ولم تحدثني نفسي بنشر تلك اليوميات، لكن بعض المحبين الذين يعرفون بعض أخبارها كانوا يُزَيِّنُونَ لي إظهار بعضها، ولم أُقْدِمْ على ذلك لشعوري أنها لا تستحق عناء طباعتها ونشرها وإشغال القراء بها، وكنت قد أشرت إليها في آخر قائمة أعمالي المخطوطة التي أوردها أخي الفاضل الأستاذ عمار الخطيب في الترجمة المختصرة التي نشرها في ملتقى أهل التفسير في صيف سنة 2009م.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير