عن مقالته كما ترى.
"كلاّ" (2)
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)) سورة مريم
يقول الشوكاني رحمه الله تعالى:
"حكى سبحانه ما كان عليه هؤلاء الكفار الذين تمنوا ما لا يستحقونه، وتألوا على الله سبحانه من اتخاذهم الآلهة من دون الله لأجل يتعززون بذلك.
قال الهروّي: معنى {لّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً}: ليكونوا لهم أعواناً.
قال الفراء: معناه: ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة.
وقيل: معناه ليتعززوا بهم من عذاب الله ويمتنعوا بها.
{كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم} أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، والضمير في الفعل إما للآلهة أي ستجحد هذه الأصنام عبادة الكفار لها يوم ينطقها الله سبحانه، لأنها عند أن عبدوها جمادات لا تعقل ذلك، وإما للمشركين، أي سيجحد المشركون أنهم عبدوا الأصنام، ويدل على الوجه الأوّل قوله تعالى: {مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص: 63] وقوله: {فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لكاذبون} [النحل: 86] ويدلّ على الوجه الثاني قوله تعالى: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].
وقرأ ابن أبي نهيك: «كلا» بالتنوين، وروي عنه مع ذلك ضمّ الكاف وفتحها، فعلى الضم هي بمعنى جميعاً، وانتصابها بفعل مضمر، كأنه قال: سيكفرون كلا سيكفرون بعبادهم، وعلى الفتح يكون مصدراً لفعل محذوف تقديره: كل هذا الرأي كلا، وقراءة الجمهور هي الصواب، وهي حرف ردع وزجر {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} أي تكون هذه الآلهة التي ظنوها عزّاً لهم ضدّاً عليهم، أي ضدّاً للعزّ وضدّ العزّ: الذلّ، هذا على الوجه الأوّل، وأما على الوجه الثاني فيكون المشركون للآلهة ضدّاً وأعداء يكفرون بها بعد أن كانوا يحبونها ويؤمنون بها.
كَلَّا
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
الوقف عليها هو الاختيار بجعلها ردّاً وزجراً وإنكاراً لما قبلها.
والمعنى: ليس الأمر كذلك. أي: لم يتخذ الكافر عند الله عهدا. وليس تكون لهم الآلهة لهم عزا.
فلتمكن الفائدة وتمام المعنى بالوقف عليها اخترنا ذلك.
وإن شئت ابتدأت بها على معنى: حقا سيكفرون. وحقا سنكتب ما يقول، تجعلهما تأكيداً لما بعدهما.
أو تبتدئ بهما على معنى: ألاَ سنكتب. وألاَ سيكفرون تجعلهما استفتاحاً للكلامفذلك جائز واسع والوقف: الاختيار.
فأما قراءة من قرأ: كُلاً سيكفرون بعبادتهم ـ بضم الكاف والتنوين والنصب ـ فلا يجوز الوقف عليها، وهي قراءة أبي نَهيك،قراءة شاذة.
انتهى. من كتاب: شرح كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل.
الفوائد التربوية من الآيات:
• ليس المهم أن تدعي شيئا ولكن المهم أن تقيم الحجة على دعواك.
• من يدعي شيئا لا يستطيع أن يقيم الحجة عليه يزري بنفسه.
• تفسير الواقع تفسيرا خاطئاً يودي إلى نتائج لا تسر في المستقبل.
• من الحمق أن تركن إلى من لست على ثقة من موقفه تجاهك.
• العلاقات غير المشروعة تعود بالوبال على أصحابها.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[17 Jan 2010, 08:06 م]ـ
شكر الله لك ما وضحت ونفع به.
هل من الممكن أن تزيد توضيح معنى كلام الشنقيطي رحمه الله:"بالدليل المعروف عند الجدليين بالتقسيم والترديد، وعند الأصوليين بالسبر والتقسيم، وعند المنطقيين بالشرطي المنفصل". ولو بالإحالة على موضع تفصيل هذه المناهج؟
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 11:34 م]ـ
شكر الله لك ما وضحت ونفع به.
هل من الممكن أن تزيد توضيح معنى كلام الشنقيطي رحمه الله:"بالدليل المعروف عند الجدليين بالتقسيم والترديد، وعند الأصوليين بالسبر والتقسيم، وعند المنطقيين بالشرطي المنفصل". ولو بالإحالة على موضع تفصيل هذه المناهج؟
وجزاك الله خيرا
لقد شرح الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى الدليل وتأملي الموضوع وستجدين أن لا إشكال فيه فهو سهل ومباشر.
وإذا كان لك دراية بعلم الإصول فيمكن أن ترجعي إلى كتب الإصول، كالمستصفى للغزالي والبحر المحيط للزركشي وغيرهما في باب القياس.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[18 Jan 2010, 12:33 ص]ـ
لي اطلاع في علم الأصول وليس لي دراية خبرة
¥