تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذهبت بعد ظهر هذا اليوم إلى المكتبة العامة في بيجي (مكتبة ابن النديم) وأنا كثيرا ما أُلِمُّ بها هذه الأيام، وللرجال أربعة أيام في الأسبوع، وبعد أن مكثت فيها سويعات عدت قبل الغروب إلى البيت عجلا لعلي ألحق بوقت صلاة العصر قبل أن تدنو الشمس للمغيب، وبينما كنت أصلي إذا بالوالد يرمي أمامي شيئاً قبل أن أنهي الصلاة، وتبين أنها ورقة خضراء، وأخذت الأفكار تجول في ذهني وأنا في الصلاة، حتى أوشكتِ الأفكار تفسد علي صلاتي، تناولتها فإذا هي ما انتظرته طويلاً، جاءت على غير توقع أو سابق إشارة، إنها برقية من ناطق صالح من القاهرة يخبرني فيها أني مقبول، طبعاً في كلية دار العلوم، وهنا أسرعت وأخبرت الأخ سالم ومن في البيت، وما حل الظلام إلا وجميع الأهل يعلمون بالأمر، وبدأت الأفكار تراودهم وتراودني، وما سيحل من الفراق والبعد، ولكني كنت غير ملتفت إلى هذه الأفكار، فقد ذقت الأمَرَّيْنِ من العراق وما يمكن أن يأتي به من أشياء جديدة، ولكن هذه الورقة لا يمكن أن تقوم مقام الورقة الرسمية التي بواسطتها يمكن أن أسافر إلى مصر بصفة طالب، ولكن إذا وصلت هذه ربما سيصلني تمام الأمر بعد أيام، كان الأخ سفر قد اقترح عليَّ أن أسافر بصفة زائر ومن هناك أتابع الأمر وأكمله، وأنا أتريث منذ زمن، وأنتظر لعل شيئا يَجِدُّ، وأخيراً عزمت وتوكلت على الله أن أبدأ في إكمال متطلبات السفر يوم السبت القادم، وعليَّ أن أذهب إلى بغداد وأستطلع الأخبار من سفارة مصر ومديرية البعثات ومديرية الملحقيات الثقافية العراقية.

الذي يجب أن أذكره دائماً، والذي يجب ألاَّ أنساه أبداً، هو ما يقوم به الأخ سفر وقام به منذ سفري وإلى الآن، وما به مستقبلاً، وأنه سيهيئ لي كل ما أحتاج، وفعلاً فأنا لدي الآن ما يقرب من مئتي دينار أكثرها منه.

الإعداد للسفر

السبت 24 تشرين الثاني 1973م = 29 شوال 1393هـ

في الصباح وقبل شروق الشمس، وفي ظل فجر الخريف البارد شديد البرودة، نزلت إلى سيارات بيجي التي تذهب إلى بغداد، أريد الذهاب إلى بغداد كي أقرر ماذا يجب أن أفعل في هذه الأيام الآتيات، وركبنا في سيارة الأجرة، وصلت بغداد بعد العاشرة وذهبت من الموقف إلى سفارة مصر حيث استفسرت منهم عن المقبولين في جامعات مصر، وجاء الجواب (ما نعرفشِ حاجة) وذهبت بعدها إلى مديرية البعثات العراقية حيث سمعت أن برقية قد وصلت فيها أسماء المقبولين في جامعات مصر، وانتظرت حتى أمكنني رؤية ما فيها فإذا هي خاصة بالبكالوريوس، وبعد أن تأكدت من سفارة مصر ومن المديرية أنه يمكن السفر إلى مصر بصفة زائر، وإذا كنت مقبولاً يمكنني أن أداوم وأكمل الأوراق من هناك، وعلى هذا قررت إكمال أوراق السفر فذهبت إلى مديرية السفر والجنسية وكتبت العريضة، كان هذا حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، فهذه المديرية في هذه الأيام لا تقفل أبوابها إلا بعد مضي ساعات من الليل فهي تموج بمئات من الناس من الصباح حتى إقبال الليل، إنهم الحجاج يعملون أوراق سفرهم، خلق كثير، أكثرهم نساء يتدافعون ويتصايحون ولكن المعاملات تجري بسرعة، وكنت على بعض العلم بما يمكن أن أفعله كي أنهي تأشير الجواز، ولكن هناك عقبة صعبة الاجتياز في المعاملة فلا بد أن تمر عبر ضابط الأمن، ولا شك أنه سيحيلها إلى مديرية الأمن العامة لتأخذ قسطاً من الراحة، ولكن عندما وصلت إلى ذلك الضابط كان حاضراً عنده ملازم أول في الجيش ونظر في أوراقي ويبدو أنه عرفني وسألني عن العم نعمة والخال عبد محمد صالح، وأسَرَّ إلى ضابط الأمن أن هذا ليس عليه شيء، فتجاوزت الصعوبة وخاصة أن طلبي الأول في الصيف كان قد أشَّرَ عليه مدير السفر بتأييد من الخال أبي عادل بألاَّ شيء ضدي، إلى هنا والساعة قد تجاوزت السابعة مساء، ولم يبق لي من إكمال المعاملة إلا شيء قليل.

تحديد موعد السفر

الأحد 25 تشرين الثاني 1973م = 1 ذو القعدة 1393هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير