وقد تتبع المصادر التي رجع إليها الجلالان في تفسيرهما. وقد انتفع بدلالة السيوطي له في ترجمته للكواشي الموصلي (ت680هـ) بأن تفسير الكواشي من مصادر المحلي التي اعتمدها في تفسيره، واعتمدها هو أيضاً في تكملته لتفسير المحلي، مع إضافته لكتاب الوجيز للواحدي وتفسيري البيضاوي وابن كثير. وهذه الأربعة من أهم مصادر تفسير الجلالين.
وتبين للمحقق أيضاً أن الجلالين اعتمدا أيضاً على معاني القرآن للفراء والزجاج، وإعراب القرآن للنحاس، ومعالم التنزيل للبغوي، والكشاف للزمخشري، والتبيان في إعراب القرآن للعكبري، وتفاسير الخازن وأبي السعود وابن عطية والقرطبي وأبي حيان، والدر المصون للسمين الحلبي.
القراءة التي اعتمدها الجلالان في التفسير:
ذكر المحقق أنه عثر على نسخة مطبوعة في القاهرة في مطبعة البابي الحلبي من تفسير الجلالين كتب على غلافها من الداخل: (مراعاة لحقوق المؤلفين قد أثبتنا القرآن الكريم مضبوطاً بالشكل الكامل على حسب رواية الشيخين المفسرين، وإن كانت تخالف رواية حفص)، فدعاه ذلك إلى الاستعانة بها، وقد تبين للمحقق بعد التتبع الدقيق للقراءة التي اعتمد عليها الجلالان أن جمهورها الأساسي معتمد على قراءة أبي عمرو ابن العلاء البصري (ت154هـ)، وما خالف ذلك كان فيه أشياء من قراءة عبدالله بن كثير المكي (ت120هـ)، ثم من قراءة نافع مقرئ المدينة (ت169هـ)، ثم من قراءة ابن عامر الدمشقي (ت118هـ)، وما خالف ذلك فنادر ومعظمه عند جلال الدين المحلي في الجزء الذي فسره. وقد تمت كتابة الآيات بهذه الروايات كلها كما هي في الأصل.
ترتيب التحقيق:
كل النسخ المخطوطة التي ذكرها المحقق للكتاب تبدأ بتفسير سورة البقرة حتى نهاية سورة الإسراء وهذا من عمل الإمام السيوطي، ثم من بداية الكهف حتى نهاية القرآن، ثم يختم بسورة الفاتحة وهذا صنيع المحلي.
ولكن المحقق رتب التفسير، فجعل تفسير المحلي للفاتحة أولاً ثم تفسير السيوطي حتى نهايته، ثم تفسير المحلي حتى سورة الناس.
وقد جعل كتابة الآيات في التفسير بالرسم الإملائي لا العثماني تسهيلاً على القراء كما يقول وفقه الله، ما عدا الأحرف المقطعة في أوائل السور فقد أبقاها بالرسم العثماني.
كما عني المحقق كثيراً بعلامات الترقيم في ضبط نص التفسير ليسهل القراءة فيه.
وقد توسع المحقق في االاستدراك على الجلالين معتمداً على مصادرهما، وأكثر من ذلك حتى أصبح الكتاب بتحقيقه موسوعة تفسيرية كبيرة فيها الكثير من الفوائد. وقد توسع المحقق في الإعراب والصنعة النحوية المركزة، ومعاني الأدوات النحوية كثيراً، وأتى بفوائد خبير مهمة.
فهارس التحقيق:
ختم المحقق تحقيقه بفهارس متنوعة للأحاديث والآثار، ولمسائل العربية، وللمفردات الصرفية التي حللت صرفياً، ولأوهام وهنات المفسرين التي تعقبها المحقق وهي كثيرة. وبعدها فهرس محتويات الكتاب ومصادر التحقيق.
وقد فرغ المحقق من تحقيقه في 1 رمضان 1426هـ.
وتاريخ طبعته الأولى 2008م.
وفي الحق إنه جهد علمي موفق، بذله المحقق الدكتور فخر الدين قباوة، وقد فاق بتحقيقه الموسع المفصل هذا عملَ المفسرين رحمهما الله، وظهر في تحقيقه مبلغ علمه ودقته في فنون العلم التي تعرضا لها، ويعد كتابه تفسيراً لتفسير الجلالين، وخدمة علمية عظيمة لهذا التفسير تربو على كل الخدمات والتحقيقات السابقة. وهذه يد منه رحمه الله على طلاب العلم أحسن الله مجازاته، وتقبل منه.
وفي الختام أسأل الله أن يتقبل من المحقق عمله، ومن المفسرَين عملهما.
كما أشكر أخي الكريم وصديقي العزيز محمد بن حامد العبَّادي الذي تفضل علي بنسخة من هذا التحقيق هديَّة منه، ويدا بيضاء تضاف لأياديه البيضاء على أخيه، وأقول له:
كَمْ مِنْ يدٍ بيضاءَ قد أَسديتَها = تُثني إِليكَ عنانَ كُلِّ جوادِ
شكرَ الإلهُ صنائعاً أوليتَها= سَلَكتْ مع الأرواحِ في الأَجسادِ
الرياض في 8/ 3/1431هـ
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[22 Feb 2010, 11:27 م]ـ
بارك الله بك فضيلة الدكتور على هذه المعلومات القيمة، أمّ النسخة الموجودة عندي فهي من تحقيق القاضي محمد كنعان، وسأقوم بإذن الله تعالى باقتناء هذه النسخة والاطلاع عليها بإذن الله تعالى ...
ـ[أم رنيم]ــــــــ[22 Feb 2010, 11:52 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً وزادك من فضله
ـ[محب القراءات]ــــــــ[23 Feb 2010, 01:31 ص]ـ
شكر الله لكم هذا العرض المفيد لهذا الكتاب القيم , وبارك الله في عمل المحقق وجزاه خير الجزاء , وقد اطلعت على هذه النسخة وهي فعلا ثقيلة الوزن , وحبذا لو طبع مرة أخرى أن يكون في مجلدين صغيرين, حتى يسهل الاطلاع عليهما للمستلقي , ويسهل حمله في الأسفار.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[25 Feb 2010, 07:15 م]ـ
لعل المحقق والدار قصدا أن يُقرأ الكتاب في المكاتب لا على الأرائك:)!
أحسنتم فضيلة الدكتور عبد الرحمن بهذا العرض المركز والشامل، وكما ذكرتم فهذا التحقيق هو أحسن ما يقتنيه من أراد قراءة الجلالين كما وضعه المؤلفان رحمهما الله.
وأما الحواشي فلا يستغنى عما كتبه القاضي كنعان.
ويبقى السبق لهذا التحقيق بكونه الأقرب لما وضعه المؤلفان والأكثر ضبطا.
وكل من عرك الجلالين يعلم شدة الحاجة إلى وجود تحقيق مثل هذا يضع الاصبع على مقصود المؤلفين في مواطن كثيرة مشكلة.
فجزا الله المحقق خيرا، وأحسن له الخاتمة.
وجزاكم خيرا على ما نتعلمه منكم من حسن الأدب، وكمال الخلق، فليست لي في هذا الكتاب من يد، وإن كانت فإنما هي يد مكافئ أعياه رد الجميل، وليس الواصل كالمكافئ ..
بارك الله فيكم.
¥