وقال ابن مجاهد أيضاً: وأمّا الآثار التى رويت في الحروف فكالآثار الفقهية منها المجتمع عليه السّائر المعروف،ومنها المتروك عند الناس المعيب من أخذ به، وإن كان قد رُوي، وحُفِظ، ومنها ما توهَّم فيه من رواه فضيّع روايته ونَسِي سماعه لطول عهده ….إلى أن يقول:وإنّما ينتقد ذلك أهل العلم بالأخبار والحرام والحلال والأحكام - أى الفقهاء المحدّثون الثقات العارفون بالأخبار الصحيحة - وليس انتقاد ذلك إلى من لايعرف الحديث، ولايبصر الرواية والاختلاف. (السبعة لابن مجاهد /49). .
5 - قال الدّاني: وسألت شيخنا عن هذه الأشياء التي توجد مسطورة في النصوص ... والتلاوة بالنقل عن مسطّريها بخلاف ذلك، فقال لي: ذلك بمنزلة الآثار الواردة في الكتب في الأحكام وغيرها بنقل الثقات والعمل بخلافها فكذلك ذلك، ثم قال الداني:وهذا من لطيف التأويل وحسن الاستخراج. (الدر النثير للمالقي 1/ 113).
6 - قال أبو شامة: لاينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في الضابط المذكور .. الى أن قال فإن القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ (المرشد الوجيز/ 173) ..
- قول ابن الجزري في النشر: انفرد … فخالف جميع النصوص الواردة عنه، وعن أصحابه وعن نافع (النشر 1/ 410، 424، 2/ 62، 2/ 6، 2/ 16).، وقوله كذلك: ولا يتابع الشيخ ولا الرّاوي عنه على ذلك أي -الهمز والإدغام لأبى عمرو-، إذا كان على خلافه أئمة الأمصار في سائر الأعصار.) (النشر 1/ 278).
تنبيه: صاحب (كتاب النشر لابن الجزري) أحد أعلام القرن التاسع،
وقد تصدّى لعزل ما انفردوشذّ، مبيّنا ذلك في منهجه الذي ذكره في مقدمة كتابه السابق، فقد نهج في كتابه: أن ينقل الرواية مع الاقتصار على صحيح القراءات والمتلقى بالقبول من منقول مشهور الروايات.
ونهج في اختيار شيوخه في هذا الكتاب على شرطين هما: الأخذ عمن ثبت عدالته عنده أو عمّن تقدّمه، وتحقّق لقيه لمن أخذ عنه، إذا صحّت معاصرته.
وأن تكون الكتب التي قرأ بها على شيوخه فيه، مشتملة على شرطين هما: ثبوت الرواية فيها نصّاً، وثبوته فيها آداءَ. (النشر 1/ 192 - 193) ..
-أخيراً:
كان اختيار (نهج القراء المتأخرين) اعتماد كتب معتمدة في القراءات السبع والعشرككتاب التسير في القراءات السبع للداني، ونظمه المعروف بالشاطبيّة للشاطبي، وكتاب النشر في القراءات العشر، ونظمه المعروف بالطّيبة كلاهما لابن الجزري، وكتابه أيضاً تحبير التّيسير، ونظمه المعروف بالدّرة كلاهما له، لأجل منع القراءة بالشواذ.
ختاماً:
فهذه النصوص، وغيرها مفيدة جدا في اضطلاع طائفة من الباحثين بجمع أحكام شاملة للشواذ من كتب القراءات، لدراستها، كي تكون مانعاً من تحميل بعض القراءات (كالقراءات التفسيرية) أكثر ممّا تتحمله من أحكام، ومانعاً من تعديل وجرح بعض الرواة، بأكثر ممّا هو معهود عند المحدثين ومن ثمّ عند الأصوليين، والقراء. والله أعلم.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 Jan 2007, 03:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الإخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فحبذا لو اقتصرنا على ما له صلة وثيقة بمنهج المحدثين وصلته بالقراءات القرآنية، مع بيان خصوصيات مجال القراءات عن مجال الحديث، لنبين التعالق الحاصل بين علوم الشريعة الإسلامية مما يجعلها تشكل منظومة متكاملة لا يمكن فهم إحدى جزئياتها إلا في إطارها الشمولي، دون أن نغفل خصوصيات كل مجال. ونعتبر ذلك تأصيلا لعلوم الشريعة من جهة، ومحاولة جادة للفهم و الإفهام.
أما عن موضوعنا الخاص بأنواع التحمل و الأخذ عن المشايخ، فقد ذهب القسطلاني ـ رحمه الله ـ في كتابه لطائف الإشارات في فنون القراءات إلى أن أنواع اتحمل والأخذ عن المشايخ يمكن حصرها في طرق ثلاث وهي:
1 - السماع من لفظ الشيخ، ويحتمل أن يقال به هنا، لأن الصحابة إنما أخذوا القرآن الكريم من في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولكن لم يأخذ به أحد من القراء، والمنع ظاهر، فالعبرة بكيفية الأداء. فليس كل من سمع من لفظ الشيخ بقادر على الأداء كهيئته، بخلاف الحديث النبوي الشريف فإن المقصود فيه المعنى أو اللفظ، لا الهيئات المعتبرة في أداء القراءة.
وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تمكنهم من الأداء كما سمعوا من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالقرآن نزل بلغتهم. (اللطائف 181).
2 - قراءة الطالب على الشيخ: وهو أثبت من الأول وأوكد. قال مالك ـ رحمه الله ـ: قراءتك علي أصح من قراءتي عليك. وقال ابن فارس: السامع أربط جأشا، وأوعى قلبا " (اللطائف 181)
3 - الإجازة المجردة عنهما، واختلف فيها، والذي استقر عليه عمل أهل الحديث قاطبة العمل بها حتى صار إجماعا، وأحيا الله بها كثيرا من دواوين الحديث وغيرها، وقال الإمام أحمد: لو بطلت لضاع كثير من العلم.
وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءات؟
الظاهر: نعم، ولكن منعه الحافظ أبو العلاء الهمذاني، وبالغ في ذلك حيث قال: إنه كبيرة من الكبائر، لأن في القراءات أمورا لا تحكمها إلا المشافهة. (اللطائف 181/ 182).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥