ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[12 Jan 2007, 10:05 م]ـ
(القراءات القرآنية وضرورة المنهج)
أخي الكريم الدكتورأحمد البزي الضاوي:
قلتم حفظكم الله أعلاه: فحبذا لو اقتصرنا على ما له صلة وثيقة بمنهج المحدثين وصلته بالقراءات القرآنية، مع بيان خصوصيات مجال القراءات عن مجال الحديث، لنبين التعالق الحاصل بين علوم الشريعة الإسلامية مما يجعلها تشكل منظومة متكاملة لا يمكن فهم إحدى جزئياتها إلا في إطارها الشمولي، دون أن نغفل خصوصيات كل مجال. ونعتبر ذلك تأصيلا لعلوم الشريعة من جهة، ومحاولة جادة للفهم و الإفهام.
من منطلق كلامكم هذا اسمح لي أن أقول: إنّ ماطرحتموه (في عنوان المشاركة الأصلي) يعدّ موضوعا بحثيا ممتازا من الدرجة الأولي للمتخصصين في علمي القراءة والحديث، فأنتم بارك الله فيكم، تطمحون للوصول إلى منهج ضروي للقارئ، وقد أشرتم إلى تأسيس (الدكتورالسالم) للنهج مناسب لذلك، ولجهود (الدكتورأنمار) وفقهما الله الاستطلاعية للمصادر الأصيلة،،وهذا في نظركم قد يؤدي لنتيجة مهمة، مهد لها علماء القراءات قديما، كابن الجزري في كتابه طبقات القراء عند ترجمة: هارون بن حاتم بن أبي بشر الكوفي البزاز حيث قال: "مقرئ مشهور ضعفوه. (غاية النهاية لابن الجزري 2/ 7).
وبالنسبة لمدخلتي معكم أعلاه، فقدكان عامل التشخيص عندي، ينظر من جهة التوجيه بسرعة البدء في إيجاد هذه العلاقة الوثيقة بين العلمين، على أن تكون منبثقة من خصوصية مجال القراءات ومعارف أهله، وبماأن أمر التوافق بين العلمين حاصل ونصّ عليه صراحة علماء كثيرون كابن الجزري المقرئ المحدث، والعلامة سلطان المزاحي أحد علماء القراءات المشهورين في رسالته في المسائل المشكلات في القراءات، وغيرهما، فهذا فطنني لمقصدكم الطيب حفظكم الله،الذي يهدف لإيجاد مادة علمية مجمعة، موثّقة من كتب القراءات، وتراجم القراء كي تكون نواة، لتجديد مصطلحات القراءات وبث الروح فيها، وتصير بحوثا متخصصة لمن أرادها، فوجدت الأمر يحتاج إلى توضيح التالي: ياسيدي الكريم: بحكم تخصصي في هذا الفن، ولي رسالتان علميتان، وإجازة معتبرة من أحد مشايخ القراءات البارزين، لم تتبين لي صورة هذا المنهج خلال فترة الدراسة، فأرجوا أن أتبين منكم كمتخصص في علوم الحديث، (ومن بقيةالأعضاء في الملتقى) كيف يكون هذا التوثيق؟
وكيف يكون مرتبا موضوعيا لكي تتم الفائدة؟، فهل يراعي فيه المنهج التاريخي التحليلي بعد تتبع (كمية محددة كـ (خمسة كتب) مثلا، أو إحاطة استقصائية، بجميع ذلك في (الكتب المسندة، وفي كتب تراجم القراء كمعرفة القراء للذهبي، وغاية النهاية لابن الجزري).
وأن تبيّنوا كيفية وضع اعتبارات للعرف القرائي التاريخي، لماهو في الكتب المسنِدة للقراءات، في ظل وجود مصطلحها الخاص بها، وهو التحريرات فهي بمنزلة (مصطلح الحديث عند القراء)،
ثم تبينوا العرف الخاص بالجرح والتعديل في المصطلح الحديثي المتوافق مع القراءات (بالنسبة لتراجم القراء والرواة والطرق على شاكلة كتاب تقريب التهذيب لابن حجر)؟
وفي نظري أننا لوتوصلنا إلى ذلك وطبقناه علىكثير من قضايا القراءات المهمة فسنجد إن شاء الله المنهج الذي نبحث عنه كيفية وضع المصطلحات، وحلّ القضايا المهمة في القراءات ذات وجهات نظر المختلفة: كقضية (أركان القراءة)، واختلاف القراء في ركن الإسناد، بين مؤيد للتواتر، ومقتصر على الآحاد)، وكذلك قضية (توثيق القراء والرواة والطرق عند غير القراء، ففي كتب الحديث مثلا شيء كثير من جرحهم)،وكذلك (قضية وصل الطريق بالرواية، والرواية بالكتاب الذي رواها)، (وكذلك قضية جرح وتعديل القراء الكبار، والرواة والطرق، ووضع ميزان لذلك من كل كتاب على حدة، دون اختيار بعض وترك بعض، وخاصة أولئك الذين يروون المتواتر لأن السؤال كيف يروى المتواتر ضعيف مثلا، وكيف يقبل بعد ذلك)،وقضية (جرح وتعديل رواة الشاذ،وطرقهم، وبيان ذلك لفائدته في تحديد مصطلح معين).وقضية كيفية الاتفاق على مايقال في ذلك مقارنة مع ماتصدقه مناهج المحدثين. (بغض النظر عن المعمول به عند القراء).
ياسيدي الكريم: أبرز ماأفدته من أطروحتكم هذه، هو أنكم تريدون نقاشا تجديديا دون ضمان اتفاق، سار عليه الكثيرون ضمن ردودهم على مناهج المستشرقين، لكنّ من المهم أن أوضح لكم وفقكم الله أن هناك منهجا قد تناول المسألة من وجهة نظرة توافقية مع القراء من حيث التأريخ أولا، ثم من حيث المقارنة ومراعاة التوافق والمقارنة العلمية المنهجية، وهذا المنهج لايخرج عن الوفاق وخير مثال عليه كتاب (المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل دراسة منهجية في علوم الحديث د: فاروق حمادة، الأستاذ بجامعة محمد الخامس)،وهناك من عرضه منهجيا -كدراسة من هذا النوع- من خلال التوثيق بين المحدثين والدعاة، للدكتور علي عبد الحليم محمود من علماء الأزهر، وقد ركز على النقاط التالية تحديد مصطلحات محددة، ثم ببيان مكانة التوثيق والتضعيف في حياة المسلمين، ثم ببيان التوثيق والتضعيف عند المحدثين، ثم مفهوم الدعاة قديما وحديثا، وأشهر الدعاة المصلحين، مفهوم الدعاة حديثا، وأشهر الجماعات الإسلامية، شروط في الداعي لكي يمارس توثيق غيره، أوتضعيفه، وفيه عمل الداعي إلى الله وأنواعه، الشروط التي يجب أن تتوفر في الداعي لكي يمارس التوثيق، أو التضعيف، الآداب التي تراعى عند التوثيق لأحد أو تضعيفه، وفصل لشروط في المدعو الذي يوثق، وفيها شروط أخلاقية سلوكية، وشروط عملية علمية، وشروط في السابقة والخبرة.
ختاما: هناك بحوث في الموضوع الذي ذكرته منها: الأخذ والتحمل عند القراء لمحمد سيدي الأمين أستاذ القراءات في الجامعة الإسلامية بالمدينة. جاء في مجلة البحوث الإسلامية عدد (70)،وإجازات القراء للدكتور محمد بن فوزان، أستاذ الدراسات بكلية المعلمين. ففي الثاني طرق الإجازة، والخلاف الذي ذكرته في المجردة من طرقها.
أخير: أخي أحمد بزي أرجوا (واسمك يشبه الراوي أحمد البزي المشهور في الشاطبية) أن يستمر التواصل وفق الله الجميع.
¥