تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - جاءتني تساؤلات من بعض الإخوة الباحثين، عن حقيقة الهدف من التوثيق للقراءات من خلال منهج المحدثين؟ وهل سيجرنا هذا التوثيق يوما ما، إلى الإتيان بقراءة متواترة جديدة،أو تشذيذ قراءة متواترة؟ وهل يعني أنّ المحدثين قد نأوا بأنفسهم قديما وحديثا بمصطلحهم عن أسانيد القراء؟ وأننا اليوم إذا قلنا بالتوافق فنكون نسبنا لهم ماليس لهم؟ ومالم يريدوه في مصطلحهم؟ وهل سيضر هذا بوثاقة بعض القراء أو الرواة المعروفين إذا ماجُرحوا؟

ولمّا كنت المسؤول سعيت لإرشاد السائل وإجابته، بتحقيق مناط التوثيق، عند القراء، وصولا إلى تبيين توافقه في (قدر مشترك) مع منهج التوثيق عند المحدثين. هذا القدر المشترك سأوضحه إن شاء الله بأمثلة أذكرها باختصار:

1 - تراجم القراء وكثرة مصطلحات الجرح والتعديل فيها، إثبات بعض المحدثين لشرط التواتر للقراءات السبع، شرط ابن الجزري لصحة السند.

2 - كون علم الإسناد أحد علوم القراءات، وكون القراءة سنة متبعة، وكون كثير من محدثي الأمة من تلاميذ القراء، فهم بهذا ضمن أسانيد القراءات .. إلى غير ذلك من الأمثلة.

أخي الكريم: لقدكان أعظم دليل على وجود هذا القدر المشترك غير الأمثلة السابقة هو طبيعة (السند أو الإسناد) وتعريفه، ومفهومه عند كلا الطرفين القراء والمحدثين، فمن خلال بحث شيخنا الأستاذ الدكتور محمد سيد الأمين الذي عنوانه: (الإسناد عند علماء القراءات)، والذي رسم خطته على النحو التالي: السند عند المسلمين، تعريفه لغة واصطلاحا، عناية علماء المسلمين بالإسناد، عناية علماء القراءات بالأسانيد، مكانة السند عند علماء القراءات، تواتر السند وصحته شرط في قبول القراءة، رحلة علماء القراءات في طلب الأسانيد، بيان علماء القراءات لبعض الأسانيد الضعيفة الواهية. فكان من أقواله فيه:

1 - لقد عني علماء القراءات بالأسانيد أيما عناية ورحلوا في طلبها وبينوا العالي منها والنازل والمتصل والمنقطع .... وهو فن قد يخفى على كثير من طلاب العلم لاعتقاد البعض أن تتبع الأسانيد والكشف عنها وتتبع طبقات النقلة والرواة، هومن اختصاص علماء الحديث وفاتهم أن لعلماء القراءات باع طويل في معرفة رجالهم وطبقاتهم ورواتهم بل ولازالوا يحافظون على أسانيدهم إلى يومنا هذا في الوقت الذي تقطعت فيه كل الطرق والأسانيد في العلوم الأخرى وهذا من حفظ الله لكتابه الذي وعد به ... /158.

2 - إن المطالع لمقدمات كتب القراءات المعتبرة الجامعة للروايات والطرق التي تلقى بها أولئك الأئمة يقف مشدودا أمام ذلك الكم الهائل من الأسانيد التي أحيطت بالعناية والرعاية حتى تصل إلى منتهاها ... /158

3 - هذه الآثار الواردة عن السلف ونحوها دالة على مدى تمسكهم بالرواية الصحيحة المتواترة المسندة فلايعدلون عنها إلى غيرها ولوكان أقيس في العربية./172.

4 - وعن رجوع ابن الجزري عن التواتر قال: على أن ابن الجزري رجع عن القول بالتواتر إلى الاكتفاء بصحة السند وهو مخالف لماعليه جمهور القراء، وقد بين النويري ذلك خير بيان ورد على شيخه ابن الجزري قوله فأجاد وأفاد، ولست هنا معرض مناقشة هذين الرأيين إذ أن كلامنهما شاهد على اهتمام علماء القراءات بالإسناد ... /172. فشيخنا في أول اقواله يعلن اتفاق العلمين في قدر مشترك في التوثيق هو الإسناد والحرص عليه.

إلاإنه وبالنظر لما تقدم عند شيخنا الدكتور محمد سيدي، فإنه كان من المهم الإشارة في هذا الموضوع الهام إلى مسائل، وهي: 1 - كيف قال المحدثون بتواتر القراءات وهي من اختصاص القراء؟

2 - كيف ظهرت مصطلحات عند القراء بنفس مسميات المحدثين؟

3 - لماذا رجع ابن الجزري إلى قول أشبه بمصطلح الآحاد المعروف بنصه عند المحدثين؟

4 - لماذا لم يوافق القراء على رأي ابن الجزري هذا، وهو القريب من صحيح السند عند المحدثين، وهل كان في الرجوع إليه خطورة من نوع ما بحيث تؤثر على علاقة القراء بالمحدثين؟

5 - هل أثر كتاب ابن الجزري الذي ألفه في مصطلح الحديث على منهجه في القراءات؟ كل هذه الأسئلة كنا نود أن يتناولها شيخنا في بحثه الرائع والممتع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير