تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحقيقة هذا الإشمام أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو الضمة، فتمال كسرة فاء الفعل، وتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلاً إذ هي تابعة لحركة ما قبلها. وإنّما قيل لذلك: إمالة لأنّه قد دخله من الخلط والشوب ما دخل الإمالة، كما سمّوا (المبالغة) في تفخيم الربا والصلاة والزكاة ... حتى نحوا به نحو الواو إمالة، وعلى هذه اللغة كتبوه بالواو تنبيهاً على الإمالة نحوها. قال الحافظ أبوعمرو – رحمه الله تعالى -: وقد زعم بعض من يشار إليه بالمعرفة وهو بمعزل عنها وخال منها: أنّ حقيقة الإشمام في هذا أن يكون أيماءٌ بالشفتين قبل اللفظ بالحرف المشمّ الذي تومئ إلى حركته وإن شئت بعده وإن شئت معه. قال أبو عمرو: وهذا كله خطأ باطل لاشك فيه من قِبَلِ أنّ الإيماء قبل اللفظ بالحرف المشمّ الذي تومئ إلى حركته غير ممكن إذ لم يحصل قبل ملفوظاً به فكيف تومئ إلى حركته وهو معدوم في النطق أيضاً. وهذا مع تمكّن الوقوف على ما قبله والابتداء به، فيلزم أن يكون ابتداء المبتدئ بذلك إعمال العضو وتهييئه قبل النطق، ولم يُسمع بهذا قط، ولا ورد في اللغة، ولا جاء في القراءة، ولا يصح في قياس، ولا يتحقق في نظر. وأمّا الإيماء بعد اللفظ به مكسوراً محضاً فغير مستقيم، وكذلك الإيماء معه في تلك الحال لا يمكن، إذ لو كان كذلك لوجب أن يستعمل في النطق بذلك عضو اللسان للكسرة والشفتان للإشارة، ومحال أن يجتمعا معاً على حرف واحدٍ في حال تحرّكه بحركة خالصة، إذ ليس في الفطرة إطاقة ذلك. وإنّما حمل القائل على هذا القول: القياس منه على كيفية الإشمام عند الوقف على أواخر الكلم، إذ يؤتى به هناك بعد سكون الحرف والفراغ منه، وبين المكانين فرقان غير مشكوك فيه على ما بيّنّا.

وزعم آخرون أنّ حقيقته: أن يضمّ أوّله ضمّاً مشبعاً، ثمّ يُؤتى بالياء الساكنة بعد تلك الضمة الخالصة، وهو باطل، لأنّ الضمة إذا أخلِصت ومطِّط اللفظ بها انقلبت الياء واواً، إذ لا تصحّ ياء بعد ضمّة، كما لا تصحّ الواو بعد كسرة.

وزعم آخرون من أهل الأداء أنّ حقيقة الإشمام في ذلك: أن يشمّ أوّله ضماً مختلساً، وهذا أيضاً باطل لأنّ ما يختلس من الحراكات ولا يتمّ الصوت به كهمزة بين بين وغيرها لا يقع أبداً أوّلاً، وذلك لقرب التضعيف والتوهين من الساكن المحض، وإنّما دخل الوهم على هؤلاء وعلى قوم من جهلة النحاة من أجل العبارة عنه بالإشمام، وقد ذكرت مراد القراء بهذه التسمية وغيرها والغرض بهذا الإشمام الذي هو حركة مركبة من حركتين ضمة وكسرة الدلالة على هاتين الحركتين في الأصل."

أمّا الضمّة ففي الفاء، أمّا الكسرة ففي العين، لأنّ أصل فُعِلَ مبني لما لم يسمّ فاعله، كما أنّ الحركة الممالة من الفتحة والكسرة، فلمّا كان هذا الإشمام دالاً على الأصل صارت الكلمة كأنّها منطوق على أصلها من غير تغيير، فلذلك قال " لتكملا". ومن أخلص الكسر فللياء التي بعده، إذ لا تجد ياءاً قبلها ضمّة، ومن غاير جمع بين اللفظين. " اتنهى كلام الإمام السخاوي رحمه الله تعالى (1/ 8)

6 - قال الإمام أبو شامة رحمه الله تعالى في شرحه على الشاطبية: " والمراد بالإشمام في هذه الأفعال أن يُنحى بكسر أوائلها نحو الضمة وبالياء بعدها نحو الواو فهي حركة مركبة من حركتين كسر وضمّ، لأنّ هذه الأوائل وإن كانت مكسورة فأصلها أن تكون ضمومة، لأنّها أفعال مالم يسمّ فاعله فأشّمت الضم دلالة على أنّه أصل ما يستحقه وهي لغة للعرب فاشية وأبقوا شيئاً من الكسر تنبيهاً على ما استحقته هذه الأفعال من الاعتلال ولهذا قال – أي الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى - " لتكملا" لتكمل الدلالة على الأمرين .... وهذا نوع آخرٌ من الإشمام غير مذكور في الأصول وقد عبروا عنه أيضاً بالضمّ والروم والإمالة ومنهم من قال: حقيقته أن تضمّ الأوائل ضمّاً مشبعاً وقيل مختلساً وقيل بل هو أيماء الشفتين إلى ضمّة مقدّرة مع إخلاص كسر الأوائل ثمّ القارئ مخيّر في ذلك الإيماء إن شاء قبل اللفظ أو معه أو بعده والأصحّ ما ذكرناه ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير