تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد أجاد الشيخ محمد علي خلف الحسيني الشهير بالحداد شيخ القراء بالديار المصرية بقوله ( ... وإذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التي نزل بها متوقفة على التلقي والأخذ بالسماع من أفواه المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارئ لا يمكنه معرفة كيفية الإدغام والإخفاء والتفخيم والترقيق والإمالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والإشمام ونحوها إلا السماع حتى يمكنه أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقي المذكور واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبي صلى الله عليه وسلم عن روح القدس عن الله عز وجل بالصفة المتواترة أمر ضروري للكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى في قوله جل ذكره) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لا يكفي بل لا يجوز ولو كان المصحف مضبوطا. قال الإمام السيوطي: (والأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية) اهـ فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة ... إلخ صريح في أنه لا يكفي الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواه المشايخ المتقنين .... فإن الإنسان يعجز عن أداء الحروف بمجرد معرفة مخارجها وصفاتها من المؤلفات ما لم يسمعه من فم الشيخ فكيف لا نتعلم القرآن مع كثرة جهلنا وعدم فصاحتنا وبلاغتنا من المشايخ الماهرين في علم التجويد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال فصاحته ونهاية بلاغته تعلم القرآن عن جبريل عليه السلام في جمع من السنين خصوصا في السنة الأخيرة التي توفي فيها ومع أفضليته على جبريل والعجب من بعض علماء زماننا فإنه إذا وجد أهل الأداء في أعلى المراتب تعلم منه وفي أدنى المراتب لا يتعلم منه استكبارا عن الرجوع إليه ... ولذا قيل

من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة ... يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم

ومن يكن آخذا للعلم من صحف ... فعلمه عند أهل العلم كالعدم " ا. هـ كتاب" القول السديد في بيان حكم التجويد" صـ9:11

وبعد الحديث عن أصالة المشافهة نتحدث عن قضية مهمة وهي الخلل الذي يطرأ علي المشافهة،وقد تحدث القدامي عن الخلل الذي أصاب قراء زمانهم وكثرة المتصدرين للإقراء وقلة المتقنين البارعين ونذكر بعض أقوالهم، قال أبو عمر الداني (ت444) في مقدمة كتابه التحديد " ... فقد حداني ما رأيته من إهمال قرّاء عصرنا ومقرئي دهرنا تجويد التلاوة وتحقيق القراءة ...... " التحديد ص66.

وقال أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى: " ... والعلم فطنةً ودرايةً آكذ منه سماعاً وروايةً ... التحديد ص67.

وقال مكي القيسي رحمه الله تعالى: " ... فنقل القرءان فطنة ودرايةً أحسن منه سماعاً وروايةً .. " الرعاية ص90

وقال القرطبي (ت461): " ولمّا رأيت من قراء هذا الزمان وكثيراً من منتهيهم قد أغفلوا إصلاح ألفاظهم من شوائب اللحن الخفيّ وأهملوا تصفيتها من كَدَرِهِ وتخلّصها من دَرَنِهِ ..... " الموضح ص54.

قال المرعشي رحمه الله تعالى " .... لكن لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء أكثر شيوخ الأداء، والشيخ الماهر الجامع بين الرواية والدراية المتفطّن لدقائق الخلل في المخارج والصفات أعزّ من الكبريت الأحمر، فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد، بل نتأمل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان المسائل هذا الفنّ، ونفيس ما سمعنا من الشيوخ على ما أودع في الكتب، فما وافق فهو الحقّ، وما خالفه فالحق ما في الكتب. اهـ " بيان جهد المقل ص 18 في هامش جهد المقل

وبعد سرد أقوال العلماء في دخول الخلل في قراءة بعض قراء زمانهم ـ وهذا مع قربهم من العصور الفاضلة ـ فلابد أن تتسع دائرة الخلل مع تأخر الأزمنة ونحاول التعرف علي هذه الأسباب التي أدت إلي هذا الخلل الذي اشتكي منه القراء في زمانهم وهم المتقنون، فما بالك بأهل زماننا.

أسباب الضعف يرجع إلي نقاط مهمة وهي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير