الأولي: إقراء الشيخ لسن متأخرة فقد يعتري الشيخ في هذا السن نسيان في أداء بعض الألفاظ فيقرأها الطالب وهو لا يعرف أنه قد أخطأ، ولذلك امتنع شعبة عن الإقراء قبل موته بسبع سنوات، وحتي في علوم الحديث وغيرها منع أولاد بعض العلماء آباءهم عند كبر سنهم خوفا عليهم من الخلط.
الثاني: كثرة الطلبة عند شيخ معين فيعتريه التعب والإرهاق فينام والطالب يقرأ فلا يدري ما قال الطالب، ولا الطالب يقف حتي يستيقظ شيخه. وبعض الشيوخ يقرئون حتي وقت متأخر من الليل فيعتريه السرحان لإراحة ذهنه من كثرة ما أقرأ.
الثالث: المال: وهناك بعض الشيوخ يتساهلون مع ما يدفع أكثر حتي يختم بسرعة ويتقاضي منه ثمن الإجازة ولربما لم يكمل الختمة ويثني علي قراءته بسبب المال. وأيضا مجاملة بعض الشيوخ لأصحاب الأموال وتساهله معهم لنفس السبب.
الرابع: خدمة الظروف لبعض الشيوخ بأن ينزل مكانا فيصادف خلو المكان من مقرئ فيتصدي بقلة بضاعته فيشتهر أمام الناس فيأتي الخلل من جهته.
الخامس: عدم مذاكرته وقت طلبه فيؤدي إلي النسيان فيجتهد في ضبط الوجه فيعتريه الخطأ. لأنه وقت طلبه همه أن يحصل علي الإجازة وفقط.
وهناك أسباب أخري نوردها من كلام د/ جبل عند ذكره لشروط حجية التلقي. ذكر د/ جبل في كتابه (تحقيقات في التلقي والأداء) شروط من يؤخذ منهم العلم، وله بعض التعقيبات سنوردها باختصار وتصرف.:
ويؤخذ علي د/ جبل في كتابه رفضه لبعض الأداء الصوتي للقراء مثل الهمس والضاد والطاء وغيرها من اعتراضات بعض علماء الأصوات، والغريب قوله في همس التاء بأنه هواء وليس صوتا ورأيته يخرج هواء بدون صوت،ويستند في ذلك إلي قول سيبويه في الهمس وإلي قول ابن الجزري إن البعض يخرجونه سينا، ونتيجته أن النطق القائم بين القراء في التاء الساكنة ليس بصواب.
أقول له: إذا كان الهمس خروج هواء هذا لا يمنع خروج صوت ـ مع غلبة خروج الهواء ـ ولو كان ضعيفا إثر مرور الهواء، فيجب أن يكون هناك صوت عند النطق بالتاء الساكنة، ولكن لا تصل إلي درجة إخراجها سينا، وإلا فما الفرق بين التاء والكاف؟ وقيل: إنها من حروف القلقلة " قاله ابن الجزري في التمهيد صـ65 ورد هذا القول بأنه يلزم الكاف كذلك.
إذن هناك صوت ليس بسين جعلهم يعدونها من حروف القلقلة، كما عد المبرد (الكاف) من حروف القلقلة، وقول ابن الجزري إن البعض يخرجونه سينا " هذا فيه دليل علي وجود صوت ولكن الناس يبالغون في إخراجه سينا، وإلا لماذا الخلاف في جعلها من أحرف القلقلة طالما أن نطقها هواء فقط؟؟
ونعود ألي شروط حجية التلقي قال د/ جبل:" قال ابن مجاهد:
1. فمن حملة القراءات المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراءات المنتقد للآثار فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين.
2. ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر علي تحويل لسانه فهو مطبوع علي كلامه.
3. قال ابن مجاهد فيمن لا يؤخذ العلم ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلا الأداء لما تعلم لا يعرف الإعراب ولا غيره فذلك الحافظ فلا يلبث مثله أن ينسي إذا طال عهده فيضع الإعراب لشدة تشابهه .... وقد ينسي الحافظ فيضع السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلي أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه عسي أن يكون عند الناس مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه وجسر علي لزومه والإصرار عليه، أو يكون قد قرأ علي من نسي وضيع الإعراب ودخلته الشبهة فتوهم.فذلك لا يقلد في القراءة ولا يحتج بقوله.
4. ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار فربما دعاه بصره بالإعراب إلي أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون مبتدعا وقد رويت في كراهة ذلك أحاديث ... (وقد روي ابن مجاهد آثارا تأمر القراء باتباع الأثر ونكتفي باثنين) عن ابن مسعود:" اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " وروي أن عليا ـ رضي الله عنه ـ قال: إن رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علمتم ".ا. هـ السبعة صـ 45ـ46
¥