تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجيد كجيد الريم ليس بفاحش ........ إذا هي نصته ولا بمعطل

ومنه سميت منصة العروس للكرسي الذي تجلس عليه لظهورها عليه، إلاّ أنّ الأقرب تحديد النص بما ذكرناه أوّلاً دفعاً للترادف والاشتراك عن الألفاظ فإنّه على خلاف الأصل، وقد يطلق النص على مالا يتطرق إليه احتمال يعضده دليل، فإن تطرق إليه احتمال لا دليل عليه فلا يخرجه عن كونه نصاً. " انتهى كلامه رحمه الله تعالى من كتابه روضة الناظر.

ومن خلال تتبع السياق في العبارات التي استعمل فيها ابن الجزري لفظ النصّ وجدتّ أنّ هذا اللفظ يدل على كلّ كلام صريح منقول عن أحد الأئمة المعتبرين الذين اعتمد عليهم في نقل القرءان وقراءاته. فالكلام الصريح هو الذي يفيد معنىً بنفسه من غير احتمال، حيث إنّه لا يمكن الاستدلال بقول لإثبات صحة الوجه أوصحة الهيئة المقروء بها بشيء يحتمل عدة معاني، ولأنّ الدليل إذا احتمل معناه أكثر من وجه قد يبطل الاستدلال به ويفقد قطعيّتة، و يكون الأخذ بأحد الأوجه المحتملة له على سبيل الظنّ وليس على سبيل القطع، والقرءان لا يثبت إلاّ بما يفيد القطع واليقين.

مثال ذلك ما ذكره ابن الجزري في إثبات صحة وصل الاستعاذة بالبسملة فقال رحمه الله تعالى: " قال ابن شيطا: اعلم أنني قرأت على جميع شيوخنا في كلّ القراءات عن جميع الأئمّة الفاصلين بالتسمية بين السورتين والتاركين لها عند ابتداء القراءة عليهم بالاستعاذة موصولة بالتسمية مجهوراً بهما سواء كان المبدوء به أوّل سورة أو بعض سورة.قال - أي ابن شيطا - ولا علمت أحداً منهم قرأ على شيوخه إلاّ كذلك. اتنهى كلام ابن شيطا. قال ابن الجزري معلّقا ً على كلام ابن شيطا رحمه الله تعالى: وهو نصّ في وصل الاستعاذة بالبسملة كما سيأتي " انتهى كلام ابن الجزري النشر 1/ 264.

والمثال الثاني وهو متعلّق بقرءانية البسملة في الفاتحة. قال ابن الجزري: رداً على السخاوي عليه رحمة الله تعالى: " وقوله - أي السخاوي - إنّ قالون ومن تابعه من قراء المدينة لا يعتقدونها آية من الفاتحة ففيه نظر إذ قد صحّ نصاً أنّ إسحاق بن محمد المسيّبي أوثق أصحاب نافع وأجلهم قال سألت نافعاً عن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فأمرني بها وقال أشهد أنّها آية من السبع المثاني وأنّ الله أنزلها، روى ذلك أبو عمرو الداني بإسناد صحيح ....... " النشر 1/ 271.

فالشاهد من المثالين أنّ الكلام المنقول صريح في معناه لا يحتمل والناقلين له من الأئمة المعتبرين.

أمّا مسألة احتمال النصّ أكثر من وجه، فلا بدّ له من دليل يؤيّد ذلك الاحتمال لقول ابن قدامة المقدسي: " فإن تطرق إليه احتمال لا دليل عليه فلا يخرجه عن كونه نصاً ". مثال ذلك ما يعتقده بعض إخواننا الكرام من أن لفظ " الانطباق الشفتين أو إطباقهما " مثلاً قد يكون بمعنى الانفراج لقول الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى: " والاشمام إطباق الشفاه ". لأنّ الإشمام لا يكون إلاّ بانفراح الشفتين، وهذا الحتمال فيه نظر لعدة أوجه:

أوّلاً: لعلّ الإمام الشاطبيّ استعمل هذا اللفظ مجازاً ومراعاة للجوانب العروضية ليستقيم وزن البيت.

ثانياً: لقد تتبّعت لفظ الانطباق والإطباق في اللغة وفي اصطلاح أهل الأداء فما وجدتها تحتمل الانفراج لا من قريب ولا من بعيد ومن ذلك صفة الإطباق التي يستحيل أن تكون بمعنى الانفراج لأنّ الانفراج يؤدّي إلى صفة الانفتاح، إذ ليس من المعقول أن يحتمل اللفظ ضده.

ثالثاً: الميم والباء تخرجان بانطباق الشفتين والمراد من ذلك واضح كوضوح الشمس. أيمكن أن نقول أنّ معنى الانطباق هنا قد يحتمل الانفراج؟ هذا مستحيل لأنّه لا يمكن النطق بالحرفين بانفراج الشفتين. إذن فهذا الاحتمال ضعيف لعدم وجود دليل يؤيّده.

الفرق بين الوجه الوارد نصاً والوارد أداءً:

كثيراً ما يقرن ابن الجزري عليه رحمة الله عبارة النص بعبارة الأداء فيقول مثلاً وهو الوارد نصاً وأداءً، وهو الأصل الذي اعتمد عليه في كتابه النشر فقد جمع فيه أصح ما وصل إليه من القراءات نصاً وأداءً فقال رحمه الله تعالى بعد أن ذكر مصادر النشر: " فهذا ما حضرني من الكتب التي رويتُ منها هذه القراءات من الروايات والطرق بالنصّ والأداء ... "- النشر 1/ 98.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير