تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال مكيّ بن أبي طالب القيسي:" أنّ جميع ما روى من القراءات على ثلاثة أقسام: قسم يُقرأُ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي: أن ينقل عن الثقات إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم. ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرءان شائعاً. ويكون موافقاً لخطّ المصحف. فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قُرئ به وقُطعَ على مغيبه وصحته وصدقه، لأنّه عن إجماع من جهة موافقته لخطّ المصحف، وكفر من جحده." الإبانة ص51.

من خلال هذه النصوص يمكن أن نستخرج الفوائد التالية:

أوّلاً: كل ما ثبت في النشر من قراءات وروايات وطرق وأوجه هي صحيحة مقطوع بها لقول ابن الجزري: ونحن ما ندّعي التواتر في كلّ فردٍ فردٍ مما انفرد به بعض الرواة، أو اختصّ ببعض الطرق، لا يدّعي ذلك إلاّ جاهل لا يعرف ما التواتر، وإنّما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين:

1 - متواترٌ.

2 - وصحيح مستفاض، متلقّى بالقبول، والقطع حاصلٌ بهما." نفس المصدر ص91.

فانظر إلى تصريحه بالقطع عند قوله " والقطع حاصل بهما " وممّا يعزز ذلك شرطه الذي ألزم به نفسه في كتابه النشر وهو " أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمّة هذا الشأن الضابطين له معدودة عندهم من الغلط أو ممّا شذّ بها بعضهم" النشر 1/ 13. ولا شكّ أنّ هذا الشرط هو أقوى الشروط على الإطلاق لقول ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى: وكان من الواجب عليّ التعريف بصحيح القرءات والتوقيف على المقبول من منقول مشهور الروايات، فعمدتّ إلى أثبت ما وصل إليّ من قراءاتهم من قراءاتهم وأوثق ما صحّ لديّ من رواياتهم، من الأئمّة العشرة قراء الأمصار، والمقتدى بهم في سالف الأعصار ...... " النشر 1/ 54.وقوله: وهي أصحّ ما يوجد اليوم في الدنيا وأعلاه لم نذكر فيها إلاّ من ثبت عندنا أو عند من تقدّمنا من أئمّتنا عدالته، وتحقّق لقيه لمن أخذ عنه وصحّت معاصرته، وهذا الالتزام لم يقع لغيرنا ممن ألّف في هذا العلم.

وقد ذكر مكّي القيسي شروطاً للقراءة الصحيحة المقطوع بصحتها مع أنّ هذه الشروط أخفّ من شرط ابن الجزري حيث لم يشترط الشهرة فقال في كتابه الإبانة: أنّ جميع ما روى من القراءات على ثلاثة أقسام: قسم يُقرأُ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي: أن ينقل عن الثقات إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم. ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرءان شائعاً. ويكون موافقاً لخطّ المصحف. فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قُرئ به وقُطعَ على مغيبه وصحته وصدقه، لأنّه عن إجماع من جهة موافقته لخطّ المصحف، وكفر من جحده." الإبانة ص51.

أقول: إن اقتصر الإمام مكي القيسي على شروطه الثلاثة للحكم على القراءة بالصحة مع القطع واليقين في ذلك مع عدم اشتراطه الشهرة لها، ألا يكون ذلك أولى فيما اشتُرط فيه الشهرة زيادة على الشروط الثلاثة؟

نحن نعلم جميعاً أنّ القرءان لا يثبت إلاّ بالقطع واليقين ونعلم أيضاً أنّه يمكن لأيّ لجنة علميّة لمراجعة المصاحف أن تطبع مصحفاً بأيّ رواية أو طريق وارد من طرق النشر مع مراعات القواعد التحريرية الخاصّة بذاك الطريق. فإن كان ذلك جائزاً فكيف يمكن طبع مصحف بطريق غير مقطوع بصحته إن اعتقدنا أنّ طرق النشر ونصوصه تفيد الظنّ ولا تفيد القطع؟ كيف يمكننا أن نتردّد في قطعية هذه المصادر فيما كان مضمونه مشهوراً متلقّى بالقبول عند الأئمّة وهذه المصادر هي التي نُقل منها القرءان الذي نتلوه اليوم ونقيم به شعائر الله. قال ابن الجزري رحمه الله تعالى: الكتب المؤلّفة في هذا الفنّ في العشر والثمان وغير ذلك مؤلّفوها على قسمين:

منهم من اشترط الأشهر واختار ما قطع به عنده، فتلقّى الناس كتابه بالقبول، وأجمعوا عليه من غير معارض كغايتي ابن مهران وأبي العلاء الهمذاني وسبعة ابن مجاهد وإرشادي أبي العز القلانسي، وتيسير أبي عمرو الداني وموجز أبي علي الأهوازي وتبصرة ابن أبي طالب، وكافي ابن شريح، وتلخيص أبي مشعر الطبري، وإعلان الصفراوي وتجريد ابن الفحّام، وحرز أبي القاسم الشاطبي. فلا إشكال في أنّ ما تضمنته من القراءات مقطوع به، إلاّ أحرفاً يسيرة يعرفها الحفّاظ الثقات، والأئمّة النقّاد ....... " انتهى كلامه رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير