تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والحكم: هو جواز الأوجه الثلاثة في المدّ العارض للإدغام قياساً على العارض للسكون اعتداداً بالعارض وعدمه. قال ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى:"ويجوز فيه ثلاثة أوجه – أي المد العارض للإدغام – وهي المد و التوسط والقصر كجوازها في الوقف إذ كان حكم المسكّن للإدغام كامسكّن للوقف كما تقدّم " النشر 1/ 298.

تنبيهات:

أوّلاً: التنصيص على العلة يوجب الإلحاق عن طريق القياس لا عن طريق اللفظ وبناءً على ذلك فإنّ تحريم النبيذ قد ثبت عن طريق القياس لا عن طريق اللفظ والنصّ، ففرق بين ما ثبت عن طريق القياس وما ثبت عن طريق اللفظ، حيث أنّ ما ثبت عن طريق القياس أضعف مما ثبت عن طريق اللفظ وأنّ الحكم الثابت عن طريق اللفظ يُنسخ ويَنسخ. وهذا يدلّ على أنّ التصّ مقدّم على القياس، لأنّ القياس لا يكون إلاّ فرعاً، والفرع هو المحلّ الذي لم ينصّ على حكمه كالنبيذ بالنسبة للأصل وهو الخمر، ولا يمكن أن يقدّم الفرع الناتج عن الأصل على أصله، لذا تعذّر نسخ النص و الإجماع بالقياس، ولذلك لا يمكن نسخ أو طرح جميع النصوص التي تُثبت مثلاً انطباق الشفتين في إخفاء الميم وإقلاب النون ميماً عند الباء على أساس اجتهاد محض قد يحتمل الخطأ والصواب في مقابل النصوص الصرييحة والتلقّي المجمع عليه في انطباق الشفتين.

ثانياً: يجوز القياس على أصل ثابت بالإجماع قياساً على النصّ وهو مذهب الجمهور. ولذلك قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى: أمّا إذا كان - أي القياس - على إجماع انعقد أو عن أصل يُعتمد فيصير إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء فإنّه مما يسوّغ قبوله ولا يجوز ردّه لا سيما فيما تدعو إليه الضرورة وتمسّ الحاجة مما يقوي وجه الترجيح ويعيّن على قوّة التصحيح".أقول: وهذا الذي فعله رحمه الله تعالى في تقديم وجه إخفاء الميم الساكنة على وجه الإظهار قياساً بإجماع أهل الأداء على إخفاء الميم بعد الإقلاب نحو {من بعد}.

ثالثاً: لا يجوز القياس على أصل ثابت بالقياس. وهذا الذي قام به بعض أهل الأداء المعاصرين حيث أثبتوا وجه الترقيق في الراء الواقعة قبل ياء محذوفة في نحو: {ولم أدر} و {فلا تمار}، و {وله الجوار} قياساً على {ونذر}، وكلمة {ونذر} قيست بدورها على الكلمات الثلاث وهي: {أن أسر}، {فأسر}، {إذا يسر} المذكورة في كتاب النشر لابن الجزريّ عليه رحمة الله.

رابعاً: يشترط في الفرع أن يكون خالياً عن نص أو إجماع ينافي حكم القياس فإن وُجد نصّ أو إجماع ينافي الحكم الذي وجد عن طريق القياس، فلا يصحّ القياس لأنّه لا قياس مع نصّ أو إجماع. وهذا كثير ما يقع فيه بعض أهل الأداء المعاصرين وهو التسرّع في الاجتهاد والقياس بدون استقراء جميع النصوص،

مع عدم وجود ضرورة وحاجّة ماسّة إلى الأخذ بالقياس كما سنبيّنه إن شاء الله تعالى.

خامساً: القياس يفيد الظنّ وليس القطع، لأنّه ناتج عن اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب، وإنّ الحكم الثابت بالقياس هو حكم شرعيّ دينيّ لأنّه مأمورُ به في قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار}، وهو طريق لمعرفة الأحكام الشرعية وطريق حلّ قيود الكثير من المسائل التي قد لا يجد لها أهل الأداء حلولاً إلاّ بالقياس، وبالتالي يكون مصدراً شرعياً معتبراً يجب العمل به لا سيما فيما تلقاّه أهل الأداء بالقبول. فلا يُعقل إعمال القياس الذي يفيد الظن مقابل إهمال النصوص أو الإجماع الذي يفيد القطع واليقين.

موقف أهل الأداء اتجاه القياس:

قال ابن الجزري رحمه الله: " وبقي قسم مردود أيضاً وهو ما وافق العربية والرسم ولم ينقل البتة فهذا ردّه أحقّ ومنعه أشدّ ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، وقد ذُكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي وكان بعد الثلثمائة قال الإمام أبو طاهر بن أبي هاشم في كتابه البيان وقد نبغ نابغ في عصرنا فزعم أنّ كلّ من صحّ عنده وجه في العربية بحرف من القرءان يوافق المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها فابتدع بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل قلت – أي ابن الجزري- وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقرّاء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب فتاب ورجع وكُتب عليه محضر كما ذكر الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد وأشرنا إليه في الطبقات ومن ثمّ امتنعت القراءة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير