تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالقياس المطلق وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه كما روينا عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما من الصحابة وعن ابن المنكدر وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبي من التابعين أنّهم قالوا " القراءة سنّة يأخذها الآخر عن الأوّل فاقرؤا كما عُلمتموه ولذلك كان كثير من أئمّة القراءة كنافع وأبي عمرو يقول لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلاّ بما قرأت لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا، أمّا إذا كان على إجماع انعقد أو عن أصل يُعتمد فيصير إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء فإنّه مما يسوّغ قبوله ولا يجوز ردّه لا سيما فيما تدعو إليه الضرورة وتمسّ الحاجة مما يقوي وجه الترجيح ويعيّن على قوّة التصحيح بل قد لا يسمّى ما كان كذلك قياساً على الوجه الاصطلاحي إذ هو نسبةُ جزئيٍ إلى كلّيٍ كمثل ما اختير في تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء وفي إثبات البسملة وعدمها لبعض القرّاء ونقل {كتابيه اني} وإدغام {ماليه هلك} قياساً عليه وكذلك قياس (قال رجلان، وقال رجل) على (قال رب) في الإدغام كما ذكره الداني وغيره ونحو ذلك مما لا يخالف نصاً ولا يردّ إجماعاً ولا أصلاً مع أنّه قليلٌ جداً كما ستراه مبيّناً بعدُ إن شاء الله تعالى وإلى ذلك أشار مكّي ابن أبي طالب رحمه الله في آخر كتابه التبصرة حيث قال في جميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... ".انتهى كلامه رحمه الله النشر 1/ 18.

قال الشيخ البناء في كتابه إتحاف فضلاء البشر: " وفي النشر إذا قرئ بإظهار الغنّة من النون الساكنة والتنوين في اللام والراء عند أبي عمرو فينبغي قياساً إظهارها من النون المتحرّكة فيهما نحو نؤمن لك، زيّن للذين، تأذن ربك إذ النون من ذلك تسكن للإدغام قال – أي ابن الجزري – وبعدم الغنّة قرأت عن أبي عمرو في الساكن المتحرّك وبه آخذ ..... قال – أي ابن الجزري – في الأصل بعد نقله ما ذكر لكن القراءة سنّة متبعة فإن صحّ نقلاً اتبع. " انتهي كلام صاحب الإتحاف (اتحاف فضلاء البشر ص34 طبعة دار الندوة بيروت). قال العلامة الضباع رحمه الله معلّقاً على كلام البناء على الهامش " لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا القياس لمصادمته للرواية الصحيحة الواردة على الأصل إذ النون من نحو لن نؤمن لك وتأذن ربك متحرّكة في الأصل وسكونها عارض للإدغام. والأصل أن لا يعتدّ بالعارض. ولما فيه من القياس ما لا يروى على ما رُوي. والقراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأوّل. والقياس إنّما يصار إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء. وهذا لا غموض فيه ........ " اتنهى كلام الشيخ الضباع رحمه الله. نفس المصدر على الهامش ص33.

من خلال ما ذكره ابن الجزري والضباع رحمهما الله تعالى يمكن أن نستخرج من كلامهما ما يلي:

أوّلاً: قد أنكر علماء القرن الثالث على أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي لاستعماله القياس في قراءة القرءان وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقرّاء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب فتاب ورجع وكُتب عليه محضر ومن ثمّ امتنعت القراءة بالقياس. أقول إن كان القياس قد منع في ذلك الوقت وهو وقت العلم النقد وكثرة أهل الأداء، فمنعه اليوم يكون من باب أولى.

ثانياً: القياس يصارُ إليه على أساسِ اجماعٍ انعقد أو على أصلٍ يُعتمد إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء. إذاً فمفهوم المخالفة يدلّ على أنّه إذا لم يكن القياس على أساسِِ اجماعٍ انعقد أو أصل يُعتمد عليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء فإنّه مردود حيث لا يمكن تقديم القياس على النص أو على وجه واردٍ أداءاً. فلذلك قال العلامة الضباع: " لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا القياس لمصادمته للرواية الصحيحة الواردة على الأصل ... " ولأجل هذا قال مكّي القيسي رحمه الله:" وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير