تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ج - القواعد المعمول بها عند أهل الأداء وأهل اللغة: كمنع الابتداء بالساكن مطلقاً وإن لم ترسم همزة الوصل وذلك في {وأصحاب لْيكة} حيث لم ترسم همزة الوصل في لفظ {ليكة} إلاّ أنّ الابتداء بها لازم لتعذر الابتداء بالساكن عند البدء بالكلمة. ويقال هذا أيضاً عند الابتداء بكسر لام الأمر في قوله تعالى {ثمّ لْيقضوا} لمن سكنها من القراء لتعذّر الابتداء بالساكن أيضاً، فكُسرت اللام قياساً إذ ليس هناك حلّ سواه، ولا يوجد نصّ قديم في الكلمتين أي {ليكة} و {ثمّ لْيقضوا} فيما اطلعت عليه لبعد احتمال الابتداء بهما والعلم عند الله تعالى. ويُدرج أيضاً على سبيل المثال القاعدة المعروفة عند أهل الأداء وأهل اللغة وهو إمالة ألف التأنيث خلافاً لألف التثنية، فقد اعتمد أهل الأداء على هذا الأصل لوجود حلّ لمشكلة، وهو الوقف على {كلتا} لأصحاب الإمالة حيث اختلف الأئمة في إمالتها وقفاً، وهذا اختلاف طبيعيّ لعدم ورود نصوص صريحة في ذلك وسبب ذلك أنّ كلمة {كلتا} وقعت قبل ساكن فلم يحتج العلماء إلى التصريح بإمالتها لأنّها لا تمال وصلاً، والوقف عليها بعيد الاحتمال لوقوعها في أوّل الآية. والسؤال هو: إذا وقفنا عليها اختباراً فكيف نقف لأصحاب الإمالة؟ أقول: لا بدّ من جواب للفصل في المسألة بسبب غموضها ووجود حاجّة ماسّة لمعرفة الحكم في الوقف، فاضطر العلماء إلى استعمال القياس في ذلك، فمن اعتبرها ألف التأنيث أمالها على وزن (فِعلى) ومن اعتبرها ألف التثنية فتحها، إذن فالقياس لم ينبني على رأي محض بل كان قائماً على أصل وثيق معتبر بين أهل الأداء وأهل اللغة، وهو إمالة ألف التأنيث وفتح ألف التثنية، وقد رُوي عن الكسائي فتحها كما ذكر الداني في جامع البيان وهو مذهب أهل اللغة في الكوفة وهذا الذي جعل ابن الجزري يميل إلى الفتح كما هو واضح في النشر.

الشرط الثاني: وجود ركن وثيق في الأداء يُعتمد عليه: وهذا السبب يتعلّق فيما يبدو بالفرع أي الحكم المجهول وليس بالأصل المعلوم المعتمد عليه في القياس. والمراد من هذا السبب أن يكون الفرع ثابتاً ومعلوماً ومعمولاً به عند أهل الأداء في بعض الأحكام والمسائل. مثال ذلك السكت مع الإظهار في {ماليه هلك}، فإنّ السكت ثابت ومعلوم ومعمول به بين السورتين، وعلى الهمزات وعلى المواضع الأربعة التي اختصّ بها حفص. وهو في مقابل الوقف، والإظهار في {ماليه هلك} لا يكون إلاّ في الوصل وهو متعذّر، ولا يمكن تعويض الوصل بالوقف الذي ينافيه، لذا اختار أهل الأداء السكت لأنّه يناسب الوصل وينافي الوقف. وكذلك مسألة السكت على {شيء} في الوقف عند حفص من طرق السكت، إذ لا يمكن أن يُسْكتَ على {شيء} في الوقف إلاّ بالروم ضرورة، والروم ثابت ومعروف ومعمول به عند أهل الأداء، واختيار أهل الأداء لوجه الروم في هذه الحالة يرجع إلى تعذّر الوقف بالسكون مع السكت، وامتناع الوقف بالحركة، فاختاروا الروم لجواز الوقف به مع القدرة على السكت في آن واحد.

فنخلص من المثالين أنّ القياس في مسألة {ماليه هلك} و مسألة {شيء} ارتكزا على ركنين وثيقين معروفين معمول بهما عند أهل الأداء وهما السكت في المسألة الأولى، والروم في الثانية.

الشرط الثالث:عدم مصادمته لأيّ نصّ من نصوص أهل الأداء: لقد سبق من كلام أهل الأداء، أنّ القياس يُجنح إليه عند عدم النص، وهذا يُفهم منه أنّ القياس ينتفي بوجود النصّ، فإن انتفى بذلك فكيف بمن خالف النصّ؟ ولأجل هذا لا بدّ من استقراء النصوص أوّلاً قبل الخوض في الاجتهاد والقياس، وهذا خلاف ما فعله بعض العلماء الأجلاء رحمهم الله تعالى في إحداث الفرجة بين الشفتين عند إخفاء الميم والإقلاب قياساً على افتراق طرف اللسان بالحنك الأعلى عند إخفاء النون مع، أنّ النصوص صرّحت بانطباق الشفتين في الميم المخفاة بل صرّحت بأنّ سبب الإخفاء هو انطباق الشفتين كما ذكر الداني وغيره، ولأجل ذلك بَطُل القياس في هذه المسألة. وهذا يقال أيضاً في إثبات الغنة في {نومن لك} قياساً على {هدىً للمتقين} من رواية السوسي من بعض طرق الطيبة، فإنّ النصّ ثبت في النون الساكنة والتنوين فقط ولم يثبت في النون المتحرّكة، والاعتماد على القياس في هذه المسألة وهم لمصادمته للنصوص المقيّدة بالنون الساكنة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير