تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقط.

الشرط الرابع: عدم مصادمته للإجماع:لا شكّ أنّ الإجماع حجة قاطعة يفيد اليقين لأنّ الأمّة لا تجتمع على خطأ أو ضلالة، ولا شكّ أيضاً أنّ القياس قائم على أساس الاجتهاد، والاجتهاد قد يحتمل الخطأ والصواب حيث يفيد الظنّ خلافاً للإجماع. فيظهر تفوّق الإجماع على القياس. مثال ذلك مخالفة إمام السخاوي الإجماع في إباحته لوجه البسملة في أوّل براءة من باب التبرّك قياساً: وهو إن كان سبب منع البسملة بين الأنفال وبراءة هو نزولها بالسيف فيكون الابتداء بها للتبرك، وإن كان السبب أنه لم يُقطع بأنها سورة قائمة بذاتها بل قد تكون تابعة للأنفال , فتكو ن البسملة في أجزاء السور جائزة. قال ابن الجزري في النشر " ... وقال أبو العباس المهدوي: فأما براءة فالقراء مجمعون على ترك الفصل بينها وبين الأنفال بالبسملة ... ثمّ قال: وكذلك أجمعوا على ترك البسملة في أوّلها حال الابتداء بها .. " ثمّ قال: أنّه – أي كلام السخاوي - خرق للإجماع ومخالف للمصحف ولا تصادم النصوص بالأراء " النشر 1/ 264 و265. أقول: كلام ابن الجزري يدلّ أيضاً على عدم جواز مخالفة النصّ بالقياس والرأي، وذلك عند قوله " ولا تصادمَ النصوص بالأراء".

الشرط الخامس: عدم مخالفته لما ثبت بالأداء عن الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى. المراد بالأداء هو: ما ثبت بالتلقي والمشافهة عن الأئمّة ودوّن في كتبهم، وأخصّ بالذكر علماء القرن الرابع والخامس والسادس عموماً، وهي القرون التي جمع فيها ودوّن فيها علم القراءات والتجويد، وهذه المصادر التي دوّنت في ذلك الوقت تحتوي على:

أوّلاً: ما ثبت بالنصّ عن الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى والمراد بالأئمّة قراء الأمصار كنافع وابن كثير وغيرهم أو رواتهم أو من دونهم في الطبقة، وكبار أهل الأداء المتقدمين على القرن الرابع كابن مجاهد وغيره.

ثانياً: ما ثبت بالأداء والتلقي من المشايخ ودوّن في تلك المصادر، لافتقار النصوص في الكثير ممن أُخذ بالأداء والمشافهة، فدوّنت لتعويض ما لم يثبت بالنصّ بإثباته في المصادر وتقويتها بالإجماع، والأصول والقواعد.

ثالثاً: الاعتماد على القياس فيما لا نصّ فيه وعند غموض وجه الأداء.

ويؤيّد ذلك ما قاله مكي القيسي في كتابه التذكرة: " في جميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... ".انتهى كلامه رحمه الله النشر 1/ 18.

أقول: فالقسم الأوّل هو الذي ثبت بالنصّ والأداء جميعاً وهو أقواها والقسم الثاني: هو الذي ثبت بالأداء من غير نصّ، وهو النوع الذي أردنا بيانه في الشرط الخامس الذي نحن بصدد بيانه.وكلا القسمين يستويان في الحجة إذا وافقا شرط ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى "وهو أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله حتّى تنتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمّة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذّ بها بعضهم." النشر 1/ 12. وكلاهما يفيدان القطع واليقين فيما أجمع عليه أهل الأداء وتواتر عندهم وتلقوه بالقبول إذ القطع حاصل بذلك كلّه كما قال ذكر ابن الجزريّ في كتابه منجد المقرئين ص91: " ,وإنما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين: متواترٌ، وصحيح متلقًى بالقبول، والقطع حاصل بهما.

وعلى ما سبق من التوضيح والبيان ندرك أنّ ما ثبت بالأداء من غير نصّ داخل في المقطوع به إذا وافق الشروط، ولا يمكن حينئذ تقديم القياس والرأي على ما ثبت عن الشيوخ قراءة وتلاوة لا سيما فيما تواتر عندهم وتلقوه بالقبول. وللأسف فإنّ بعض العلماء يلجئون إلى القياس في بعض المسائل مع ثبوتها عندهم بالتلقي المتفق عليه.

تنبيهات:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير