تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قبلها أو أبدلت. ثم مثل بالنوعين فلم ينص على المسهل بين بين ولا مثل به ولا تعرض البتة إليه فيحتمل أن يكون تركه ذكر هذا النوع لأنه لا يرى زيادة التمكين فيه. إذ لو جازت زيادة تمكينه لكان كالجمع بين أربع ألفات وهي الهمزة المحققة والمسهلة بين بين والألف فلو مدها لكانت كأنها ألفان فيجتمع أربع ألفات. وبهذا علل ترك إدخال الألف بين الهمزتين في ذلك كما سيأتي في موضعه.

فإن قيل لو كان كذلك لذكره مع المستثنيات (فيمكن) أن يجاب بأن ذلك غير لازم لأنه إنما استثني ما هو من جنس ما قدر وذلك أنه لما نص على التمكين بعد الهمزة المحققة والمغيرة بالنقل أو بالبدل خاصة ثم اسنثنى مما بعد الهمزة المحققة فهذا استثناه من الجنس فلو نص على استثناء ما بعد الهمزة المغيرة بين بين لكن استثناء من غير الجنس فلم يلزم ذلك واستثناؤه ما بعد الهمزة المجتلبة للابتداء استثناء من الجنس لأنها حينئذٍ محققة وكذلك من علمناه من صاحب الهداية والكافي والتبصرة وغيرهم لم يمثلوا بشيء من هذا النوع إلا أن إطلاقهم التسهيل قد يرجع إدخال نوع بين بين وإن لم يمثلوا به. والجملة فلا أعلم أحداً من متقدمي أئمتنا نص فيه بشيء. نعم عبارة الشاطبي صريحة بدخوله ولذلك مثل به شراح كلامه وهو الذي صح أداء وبه يؤخذ، على أني لا أمنع إجراء الخلاف في الأنواع الثلاثة عملاً بظواهر عبارات من لم يذكرها، وهو القياس والله أعلم."

أقول: من خلال ما ذكره المحقق في هذه المسألة يمكن اختصار كلامه فيما يلي:

أوّلا: معظم المصادر لم تفرّق بين الهمز المحقق وبين الهمز المغيّر وهذا فيه احتمالان: الأوّل دخول المغيّر ضمن المحقق لأنّ التغيير عارض والعارض لا يُعتدّ به، الثاني: عدّم مدّه لعدم وجود همز محقق في اللفظ. قال ابن الجزريّ: "والاحتمالان معمول بهما عندهم" النشر 1/ 342.

ثانياً: نصّ صاحب التجريد على مدّ البدل المغيّر بالنقل، فيكون مدّ المغيّر بالإبدال والتسهيل من باب أولى لبقاء أثر الهمز فيهما خلافاً للمغيّر بالنقل إذ الهمزة تحذف وتنقل حركته إلى الساكن قبله. وقد نصّ الداني على مدّ البدل المغيّر بالنقل و المغيّر بالإبدال دون المغيّر بالتسهيل. وعلى هذا فيُحتمل أن يكون المغيّر بالتسهيل من المستثنيات. فإن كان كذلك فلماذا لم يذكره في المستثنيات؟ فأجاب ابن الجزريّ أنّ المستثنى لا بدّ أن يكون من جنس المستثنى منه، والبدل المغيّر بالتسهيل ليس من جنس البدل المحقّق.

رابعاً: عبارة الشاطبيّ صريحة في إدخال الأنواع الثلاثة – أي البدل المغيّر بالتسهيل والإبدال والنقل – ضمن حكم البدل المحقق لقوله عليه رحمة الله تعالى " وما بعد همز ثابت أو مغير " والتغيير يشمل الأنواع الثلاثة. بالإضافة إلى ثبوت ذلك بالأداء عن الشيوخ كما قال ابن الجزريّ ""والاحتمالان معمول بهما عندهم" النشر 1/ 342." وقال: "وهو الذي صح أداء وبه يؤخذ " النشر 1/ 343.

خلاصة المسألة: ليست المشكلة في ثبوت مدّ البدل بأنوعه أداءً، وإنّما الإشكال هو عدم ثبوت مدّ البدل المغيّر وبالأخصّ المغيّر بالتسهيل نصاً فأراد المحقق إثبات ذلك بالقياس تقوية له، وهو إن ثبت المدّ في البدل المغيّر بالنقل فيكون في غيره من باب أولى لبقاء أثر الهمز في المغيّر بالتسهيل والإبدال خلافاً للمغيّر بالنقل هذا من جهة ومن جهة أخرى أنّ التغيير عارض والعارض لا يُعتدّ به، وهذا الذي حمل ابن الجزريّ أن يقول: " وبالجملة فلا أعلم أحداً من متقدمي أئمتنا نص فيه بشيء. نعم عبارة الشاطبي صريحة بدخوله ولذلك مثل به شراح كلامه وهو الذي صح أداء وبه يؤخذ، على أني لا أمنع إجراء الخلاف في الأنواع الثلاثة عملاً بظواهر عبارات من لم يذكرها، وهو القياس والله أعلم.". أقول: فاستعمل لفظ القياس تقوية للبدل المغيّر بالتسهيل لعدم ثبوته نصاً. والعلم عند الله تعالى.

المسألة الخامسة: تمكين ألف الفصل بين الهمزتين من كلمة من قبيل المدّ المتصل:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير