تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال أبو عمرو الداني في همز {ننسأها} و {أرجئه} و {رئيا} و {مؤصدة}: " وبتخصيص ذلك كلّه بالهمز للمعاني الخمسة المذكورة قرأت على أبي الفتح وأبي الحسن وغيرهما من طريقه – أي طريق ابن مجاهد -، وهو اختيار طاهر بن أبي هاشم وجميع أصحابه وأصحاب ابن مجاهد وهو اختياري أنا وبه آخذ، لأنّه رحمه الله – أي أبا طاهر بن أبي هاشم - بناه على نصّ ما اجتمع عليه الرواة عن اليزيدي عن أبي عمرو من أنّه همز {أو ننسأها} إذ هو من التأخير و {أرجئه} من أرجأت و {رئيا} إذ هو من الرواء و {مؤصدة} إذ هي من آصدتّ، وإنّه همز {وهيئْ لنا} و {يهيئ لكم} " جامع البيان ص242.

أقول: الخلاف في إبدال الهمزة للبصري ناتج من الاعتداد بمذهبه في إبدال الهمزة المفردة الساكنة من جهة ومن جهة أخرى ثبوت وجه الهمزة في هذه الكلمات نصاً وأداءً، ونلاحظ في هذه المسألة أنّ الداني ما اختار وجه التحقيق في هذه الكلمات على أساس ما تلقاه على أبي الفتح وأبي الحسن وغيرهما بل احتجّ بالنصّ الذي بنا عليه أبو طاهر بن أبي هاشم اختياره ولم يُشر إلى التلقّي والمشافهة للفصل في المسألة.

قال ابن الجزريّ في مسألة أبدال الهمزة ياءاً في الوقف على نحو {خائفين} لحمزة: " فأما إبدال الهمزة ياء في نحو (خايفين، وجاير، وأوليك) واواً في نحو (ابناوكم واحباوه) فإني تتبعته من كتب القراءات ونصوص الأئمة ومن يعتبر قولهم فلم أرَ أحداً ذكره ولا نص عليه ولا صرح به ولا أفهمه كلامه ولا دلت عليه إشارته سوى أبي بكر ابن مهران فإنه ذكر في كتابه في وقف حمزة وجهاً في نحو (تائبات) بإبدال الياء وفي نحو (رؤف) بإبدال الواو. ورأيت أبا علي الأهوازي في كتابه الاتضاح حكى هذا عن شيخه أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري وقال ولم أرَ أحداً ذكره ولا حكاه من جميع من لقيت غيره (قلت) ثم إني راجعت كتاب الطبري وهو الاستبصار فلم أره حكى في جميع ذلك سوى بين بين لا غير والقصد إن إبدال الياء والواو محضتين في ذلك هو مما لم تجزه العربية بل نص أئمتها على أنه من اللحن الذي لم يأت في لغة العرب وإن تكلمت به النبط وإنما الجائز من ذلك هو بين بين لا غير. وهو الموافق لاتباع الرسم أيضاً. وأما غير ذلك فمنه ما ورد على ضعف ومنه ما لم يرد بوجه. وكلّه غير جائز من القراءة من أجل عدم اجتماع الأركان الثلاثة فيه. فهو من الشاذ المتروك الذي لا يعمل به ولا يعتمد عليه والله أعلم. وسيأتي النص في كل فرد فرد ليعلم الجائز من الممتنع والله الموفق. " النشر 1/ 463.

أقول: اعتمد ابن الجزري في إثبات الجائز من الممتنع في هذه المسألة على النصّ فقال: " فلم أرَ أحداً ذكره ولا نص عليه ولا صرح به ولا أفهمه كلامه ولا دلت عليه إشارته " ثمّ قال في الأخير " وسيأتي النص في كل فرد فرد ليعلم الجائز من الممتنع والله الموفق. " فجعل جواز الوجه منوط بوجود النصّ ولم يُشر إلى المشافهة والتلقّي لا من قريب ولا من بعيد. فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وقد أشار مكّي ابن أبي طالب رحمه الله في آخر كتابه التبصرة حيث قال في جميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... ".

أقول: فجعل الوجه الثابت بالنصّ والأداء في المرتبة الأولى وجعل الثابت بالأداء المجرّد عن النصّ في المرتبة الثانية إذ ليس له حلّ سوى ذلك لعدم احتواء جميع الأوجه الأدائية على نصّ إذ لو كان النصّ شرط صحّة لسقط الكثير من الأوجه. وهذا دليل آخر يدلّ على ارتكاز هذا العلم على النصّ بالدرجة الأولى، خلافاً لما هو عليه أهل الأداء اليوم في الاعتماد على ما هو مقروء به بغضّ النظر عن ثبوته بالنصّ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير