وكان ملازما للوالد سفرا وحضرا في الحج وغيره فافاد واستفاد واتقن ما قرأ به على الوالد وأجاد وانتفع به الناس وزال بتحقيقه وتدقيقه عن أهل هذا العلم الشريف كثير من الالتباس وكان من أخص الناس وأعزهم عند الوالد واعتنى به أشد عناية حتى صار معلمي ومنه تعلمت العروض وحفظت عليه الطيبة وكنت أعرض عليه القراءات أولاً ثم على الوالد وهو حاضر وكان الوالد حين يقرى الناس يحضره أولاً ثم يأخذ على الناس اعتماداً عليه وعلى حذقه ولا يكاد يأخذ على أحد وهو غائب وكان آية في استحضار القراءات عجيبة غاية في استنباط النكت الغريبة وقد شهد الوالد بأنه في هذا العلم المبارك لا يداني ولا يشارك، وقرأ على الوالد جميع كتاب النشر وتقريبه وغير ذلك من تصانيفه وعرض عليه من حفظه كتاب طيبة النشر من غير توقف ولا تلعثم.
اهـ من الغاية. ج 1 ص 339
والسؤال: هل له ذكر في أي إجازة من الإجازات؟
ج: الذي وصل إلينا أنه لم ينقل لنا اسمه البتة، في أي إجازة من الإجازات.
فماذا يعني الكلام أعلاه؟
ج: فضلا لا أمرا تأمل هذه العبارة واقرأها مرة ومرتين وثلاث مرات:
"وكان الوالد حين يقرى الناس يحضره أولاً ثم يأخذ على الناس اعتماداً عليه وعلى حذقه ولا يكاد يأخذ على أحد وهو غائب"
يعني أن معظم من أجازهم الإمام دون إكمال عليه، حتما ولابد أنهم أكملوا على الشيخ طاهر أو غيره من المتقنين الذين تلقوا هذه القراءات عن الإمام.
وقد يتساءل البعض، هل هذا ظن وتخرص أم لديكم الدليل على ذلك؟
أقول بل توجد عدة أدلة وبراهين على ذلك.
ولنبدأ بالشيخ أبي القاسم محمد النويري
فقوله أنه عام 828 تشرف بالقراءة بالعشر الكبرى على إمام الزمان وفاكهة الأوان محلق الأصاغر بالأكابر بمضن كتاب النشر والتقريب والطيبة، قرأ بذلك جزءا وأجازه بما بقي. (ص 11 من شرح الطيبة ط الهيئة العامة)، مع ترديده لكلام شيخه ص 51 بأنه لا يجوز له أن يقرئ إلا بما قرأ أو سمع ... وأنه لا يفعل ذلك إلا إن تلا بذلك على غير ذلك الشيخ أو سمعه ثم أراد أن يعلي سنده بذلك الشيخ أو يكثر طرقه جاز وحسن لأنه جعلها متابعة (ص 51 إلى ص 52 من شرح النويري على الطيبة ط الهيئة العامة)
كل ذلك يدل دلالة قاطعة أن النويري قد ختم ختمة كاملة على أحد تلامذة ابن الجزري قبل قدومه مكة المكرمة فمن هو يا ترى؟
هناك احتمالات عديدة لكن لابد من التسليم بأن له شيخا قد قرأ على ابن الجزري، وإليك ما وجدت: له شيخ يدعى ابن يفتح الله (788 – 862 هـ)
واسمه علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن أبي بكر بن يفتح الله النور القرشي السكندري المالكي ويعرف بابن يفتح الله.
وذكر السخاوي له عدة شيوخ في القراءات السبع والعشر ثم قال:
لقي ابن الجزري فأخذ عنه القراءات وغيرها ... وذكر بقية شيوخه ثم قال:
وتصدى لنفع الطلبة فكان غالب قراء البلد من تلامذته
وممن أخذ عنه الإمام أبو القسم النويري والشمس المالقي.
فهذا رجل فرغ نفسه لنفع الطلبة وتعليم القرآن. فالله أعلم.
وما قيل في محمد النويري يقال في طاهر النويري
أما الشيخ جعفر بن إبراهيم السنهوري
وهذا الرجل أعجوبة في كثرة مشايخه ولشدة اعتنائه بالقراءة يكاد يأخذها عن كل من قرأ على ابن الجزري حتى من الله عليه باللقاء والقراءة على ابن الجزري والإجازة منه بعد قراءة بعض القرآن. لكن له شيخ قرأ عليه وتخرج به قبل قدومه على الإمام. ألا وهو الشيخ قاسم بن محمد المنشاوي ومن يراجع ترجمته يستشف ذلك وكذلك قرأ أحمد بن محمد الكيلاني وقد مر أنه أتقن القراءات على ابن الجزري. كما أنه قرأ على محمد النويري الشارح وسبق توضيح أمره وقراءته على ابن يفتح الله تلميذ ابن الجزري.
وبقية من قرأ عليهم من طلبة ابن الجزري: القلقيلي وعبد الدائم الأزهري .. وغيرهم
بل وطلبة طلبة ابن الجزري كعلي بن حسن الغرباوي وهو عن طاهر وعبد الدائم عن ابن الجزري.
ومع ذلك فقد كان عال الإسناد بأخذه عن القباقبي وإجازته له.
وأخذ الأربعة عشر عن الشمس العفصي.
وللمعلومية فالسنهودي يعد شيخا في الإسناد والقراءات لشيخ الإسلام زكريا والسمديسي وغيرهما.
¥