تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وختم ابن توزينت تأليفه بقوله: ((وهذا آخر ما يسره الله سبحانه من تقييد قراءة شيخنا جعله الله خالصا لوجهه الكريم، ووسيلة للفوز في جنات النعيم وألتمس من المار به أن يغض الطرف عن الهفوات ويسامح فيما عثر عليه من الهفوات، فإنني لست من أهل هذا الشأن، ولا ممن له سبق في هذا الميدان، ولكن حملني عليه بعض الطلبة لما قدم علينا من أرض المغرب، وكان قد قرأ هنالك، ولم يعاهد هذه الصناعة بفاس، ولا عند أحد من الناس، لأن الشيخ السنوسي هو الذي أتى به فسألوني فاستشرت الشيخ فأذن لي مع أني قليل البضاعة، غير دري بهذه البضاعة فشرعت بما ذكرت والحمد لله على التمام ونسأله الممات على الإسلام… الخ)).

نكتفي بهذه الفقرات من التأليفين المذكورين اللذين نالا إقبالا وشهرة في أواخر العهد العثماني وأوائل عهد الاحتلال، ولنختم دراستنا بتأليفين آخرين هامين الأول للشيخ محمد بن أبي القاسم البوجليلي تلميذ الشيخ محمد أمزيان بن الحداد بطل ثورة 1871م، والثاني للشيخ علي بن الحفاف المتوفى سنة 1307هـ.

هذا وإن تأليف الشيخ البوجليلي على صغر حجمه يزخر بالفوائد، إذ أثبت سنده في علم القراءات ببلاد زواوة التي اشتهرت بمعاهدها الخاصة بفن القراءات، تلك المعاهد التي كانت محط رجال المقرئين طيلة العهد العثماني وكان يقصدها الطلاب من القطاع القسنطيني وتونس، قال الشيخ محمد بن أبي القاسم البوجليلي في رسالته بعد الديباجة: ((وبعد، فهذه تبصرة لما قرأناه من روايات العشر عن أساتذتنا المشايخ الأعلام…)) إلى أن قال ((…مقدمة مشتملة على فوائد: الأولى بيان إسناد قراءتنا مع تاريخ وفيات بعض أشياخنا رحمهم الله؛ الثانية: ذكر بعض فضائل القرآن العزيز؛ الثالثة: رمز المنقول عنهم؛ الرابعة: تسمية الرواة ووضعهم في جدول؛ الخامسة: بيان ما يبدأ به في القراءة من العشر)).

ثم شرع في التفصيل فقال: ((أما إسناد قراءتنا فأقول إني افتتحت قراءتي صغيراً عن والدي رحمه الله، ثم انتقلت عام 1261هـ إلى مقام الولي الصالح سيدي عبد الرحمن اليلولي، فقرأت هناك على أشياخي السيد العربي الأخداشي بعض ختمة برواية قالون، والسيد معمر الطاهر الجنادي، حين كان هناك تلميذا، والسيد محمد بن علي بن مالك قالوا عشرا في مدة نحو أربعة، ثم أقرأت بعد نحو ثلاثين سنة في المقام المذكور على حسب وقت الرقم وتمام عامه سبعة أعوام أولها عام 1297هـ، وقرأ الجنادي على الشيخ السيد محمد بن يحيى البراتني، وقد أدركني إماما في المقام وعن الأخداشي أفرادا وعشرا، وعن الشيخ السيد محمد بن علي المزبور عشرا ونحوا، وابتدأ السبع عنه وترك الختمة في سورة الأعراف، ولم يتممها، وقال ما قرأنا قراءة صحيحة…الخ)).

وهذا السند يعد جوهريا بالنسبة لدراستنا، إذ استعرض الشيخ البوجليلي معظم المقرئين ببلاد زواوة في عهده، وحتى لتاريخ الجزائرحيث كشف الغطاء عن الغموض الذي كان يحيط بمكانة الشيخ ابن حداد العلمية، حيث ذكر الشيخ البوجليلي أنه أخذ عنه عدة فنون كالسلم و السمرقندية…الخ و إلى ذلك أشار بقوله في سنده المذكور: ((وأما شيخنا فقها وطريقة السيد محمد أمزيان بن الحداد فتوفي في قسنطينة بسبب الحرب الواقعة في ذلك الوقت ليلة الثلاثاء ثانية ربيع الثاني بعد العشاء بساعة عام 1290هـ وهو رضي الله تعالى عن جميعهم وحشرني وأهل الحب في الله تحت لواء الرحمة وله طريقة مشهورا بها بالعلم والعمل، وله فيما طرق سمعي ستمائة مقدم في الطريقة، ومن جملتهم السيد أحمد بن موسى بسوس الأقصى مسيرة أربعة أشهر من هنا، وقرأت أنا عنه ختمة في سلم المنطق، وأخرى في الجوهر المكنون على المعاني والبيان، وأخرى في الاستعارات السمرقندية، ولهم مناقب تركت ذكرها خشية التطويل…الخ)).

وإنني كما سبق لنا ذكره لو لم نستفد من هذا السند إلا ترجمة ابن الحداد لكان لهذا السند أهميته ووزنه، إذ تواطأ كثير من المتساهلين في تسجيل التاريخ، تصوير الشيخ ابن الحداد بأنه أمي مع أننا عثرنا على تأليف له ذكر فيه أطوار الطريقة الرحمانية بعد موت ناشرها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الجرجري ووصف حالة البلاد بعدما أذن له شيخه المهدي السكلاوي اليراثني في رياسة الطريقة الرحمانية، لما عزم على الهجرة إلى الشام سنة 1262هـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير