سيدي الفاضل: كيف تجاوزنا هذه المرحلة وفضيلتكم تتحدثون عن شروط القارئ أن يكون كذا وكذا، وذكرت لكم عدم صحة القول الذي نقلتموه بالدليل، بل قال السخاوي في شرح الشاطبية: ... ولظنون فساد أحوال القراء قيل: الغيبة فاكهة القراء) 1/ 188
وفي الحديث: " أكثر منافقي أمتي قراؤها ".
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2/ 386:
ورد من حديث عبد الله بن عمرو و عقبة بن عامر و عبد الله بن عباس و عصمة بن
مالك.
1 - أما حديث ابن عمرو، فله عنه طريقان:
الأولى: عن محمد بن هدية الصدفي عنه. أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد "
(451) و من طريقه أحمد (2/ 175) و عنه ابن بطة في " الإبانة " (5/ 48 /
2) و البخاري في " التاريخ الكبير " (1/ 1 / 257/ 822) و الفريابي في "
صفة النفاق " (ص 53 - 54): حدثنا عبد الرحمن بن شريح المعافري: حدثني
شراحيل بن يزيد عنه به. و قال بعضهم: شرحبيل بن يزيد، و شراحيل أصح كما قال
البخاري و ابن أبي حاتم (4/ 1 / 115) عن أبيه. و أخرجه أحمد أيضا و
الفريابي (ص 54) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن شريح به. قلت: و هذا إسناد
رجاله ثقات غير محمد بن هدية، فلم أر من وثقه.
الثانية: يرويه ابن لهيعة حدثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عنه.
أخرجه أحمد و ابن بطه.
و إسناده حسن في المتابعات، فإن دراجا فيه ضعف، و مثله ابن لهيعة، لكن
الراوي عنه عند ابن بطه عبد الله بن وهب، و هو صحيح الحديث عنه، لأنه سمع منه
قديما، و كذلك عبد الله بن المبارك و عبد الله ابن يزيد المقري.
2 - و أما حديث عقبة، فيرويه عنه مشرح بن هاعان، و له عنه طريقان:
الأولى: عن ابن لهيعة حدثنا مشرح به.
أخرجه أحمد (4/ 151، 154 - 155) و الفريابي و ابن بطة و ابن قتيبة في "
غريب الحديث " (1/ 105 / 1) و ابن عدي في " الكامل (211/ 1) و الخطيب في
" تاريخ بغداد " (1/ 56 / 6) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/ 19 / 1)
من طرق عنه.
و هذا إسناد حسن، مشرح ثقة، و فيه كلام يسير من قبل حفظه، لا يضر، و ابن
لهيعة ثقة إذا روى عنه أحد العبادلة، و هذا قد رواه عنه العبادلة الثلاثة:
عبد الله بن يزيد عند أحمد، و ابن المبارك عند الفريابي، و ابن وهب عند ابن
بطة، لاسيما و قد توبع، و هو فيما يأتي.
و الأخرى: قال أحمد: حدثنا أبو سلمة الخزاعي حدثنا الوليد بن المغيرة حدثنا
مشرح بن هاعان به. و أخرجه الفريابي (53) من هذا الوجه.
قلت: و هذا إسناد جيد، الوليد بن المغيرة ثقة.
و أبو سلمة الخزاعي - و اسمه منصور بن سلمة - ثقة ثبت كما في " التقريب ".
و مشرح عرفت حاله و صدقه.
3 - أما حديث ابن عباس، فيرويه حفص بن عمر العدني قال: حدثنا الحكم بن أبان
عن عكرمة عنه. أخرجه العقيلي في ترجمة العدني هذا و قال (99):
" لا يتابع عليه من حديث ابن عباس، و قد روي هذا عن عبد الله بن عمرو عن النبي
صلى الله عليه وسلم بإسناد صالح ".
4 - و أما حديث عصمة بن مالك، فيرويه الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب
عنه. أخرجه ابن عدي في ترجمة الفضل هذا و قال في آخرها (324/ 1):
" عامة حديثه مما لا يتابع عليه، إما سندا، و إما متنا ".
و قال أبو حاتم: " أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل ". و من طريقه رواه
الطبراني كما في " فيض القدير " للمناوي و قال: " و هو ضعيف ".
قلت: و بالجملة فالحديث صحيح بالطرق التي قبل هذه. و الله أعلم.
هذه هي أحوال القراء أخي الفاضل إلا من رحم الله.
سأحاول أن أضع فكرة عامة في هذا الموضوع.
سيدي الفاضل:
لقد قلتُ من قبل وما زلت أن العبرة في القراءة شهرة الوجه وانتشاره ثم قبول الناس له، واستخدام ابن الجزري لبعض المصطلحات المتعارف عليها عند المحدثين إنما هو من باب تأثره بعلم الحديث، وابن الجزري له منظومة في الحديث قام بشرحها الإمام السخاوي صاحب الضوء اللامع.
¥