فقد أورد ابن الجزري في النشر بعض العبارات وهو يتحدث عن القراء مثل ثقة وصدوق وغيره من ألفاظ المحدثين قال في النشر: وتوفي هشام سنة خمس وأربعين ومائتين. وقيل سنة أربع وأربعين. ومولده سنة ثلاث وخمسين ومائة، وكان عالم أهل دمشق وخطيبتهم ومقرنهم ومحدثهم ومفتيهم مع الثقة والضبط والعدالة. قال الدار قطني: صدوق كبير المحل.)) 1/ 167
وقال أيضا: وتوفى أبو نشيط سنة ثمان وخمسين ومائتين ووهم من قال غير ذلك وكان ثقة ضابطاً مقرئاً جليلاً محققاً مشهوراً قال ابن أبي حاتم صدوق سمعت منه مع أبي ببغداد.)) ا. هـ
ومقصدي ما الحكم العلمي الذي يترتب علي هذا الكلام في القراءة من حيث القبول والرفض؟؟ هذا هو محل النزاع
لقد اشترط القدامى في قبول القراءة: صحة السند وموافقة الرسم وموافقة العربية، والجميع يقولون الآن بهذه الشروط.
وسؤالي: هل نقول بهذه الشروط الآن في قبول القرآن؟ أم أننا نقول: ما خرج عن النشر ليس بقرآن يتلي؟؟ هذا بخلاف الأوجه التي قبلها ابن الجزري ولم يقبلها القراء في يومنا هذا.
وأين ذهبت قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء (والذكر والأنثي) مع أنها في صحيح البخاري بل وقوية الإسناد؟ هل قبلها القراء بمجرد أن أوردها البخاري في صحيحه؟؟ هذا بخلاف أهل الحديث، بل انظر إلي ما قاله ابن حجر: ... ثُمَّ هَذِهِ الْقِرَاءَة لَمْ تُنْقَل إِلَّا عَمَّنْ ذُكِرَ هُنَا، وَمَنْ عَدَاهُمْ قَرَءُوا " وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى " وَعَلَيْهَا اِسْتَقَرَّ الْأَمْر مَعَ قُوَّة إِسْنَاد ذَلِكَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاء وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَته وَلَمْ يَبْلُغ النَّسْخُ أَبَا الدَّرْدَاء وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ. وَالْعَجَب مِنْ نَقْل الْحُفَّاظ مِنْ الْكُوفِيِّينَ هَذِهِ الْقِرَاءَة عَنْ عَلْقَمَة وَعَنْ اِبْن مَسْعُود وَإِلَيْهِمَا تَنْتَهِي الْقِرَاءَة بِالْكُوفَةِ ثُمَّ لَمْ يَقْرَأ بِهَا أَحَد مِنْهُمْ، وَكَذَا أَهْل الشَّام حَمَلُوا الْقِرَاءَة عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَلَمْ يَقْرَأ أَحَد مِنْهُمْ بِهَذَا، فَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ التِّلَاوَة بِهَا نُسِخَتْ.)) ا. هـ14/ 115
فهناك فرق يا سيدي الفاضل بين أن نأتي بأقوال هي في ظاهرة تؤيد فكرة الاتفاق، وبين أن نطبق هذه الأقوال بنفس الطريقة التي يستخدمها الفريق الآخر.
انظر إلي تضعيف المحدثين للبزي وماذا قالوا فيه: وصحح له الحاكم حديث التكبير وهو منكر.
وقد قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، لا أحدث عنه.
وقال العقيلي: منكر الحديث، يوصل الأحاديث، قد سقنا ترجمته مطولة في " الطبقات ".
ومات سنة خمسين ومئتين.
وكان دينا عالما، صاحب سنة، رحمه الله.)) 12/ 50
وقال الذهبي في ترجمة الدوري: ((وقال الحاكم: قال الدار قطني: أبو عمر الدوري، يقال له: الضرير، وهو ضعيف.
وقيل: هو من الدور - محلة بالجانب الشرقي من بغداد - قال سعيد بن عبدالرحيم والبغوي وطائفة: توفي سنة ست وأربعين ومئتين.
زاد بعضهم: في شوال.
وقيل: سنة ثمان وأربعين.
وهم فيه حاجب الفرغاني، وقد ذكرناه مستوعبا في " طبقات القراء ".
وقول الدار قطني: ضعيف، يريد في ضبط الآثار.
أما في القراءات، فثبت إمام.
وكذلك جماعة من القراء أثبات في القراءة دون الحديث، كنافع، والكسائي، وحفص، فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرروها، ولم يصنعوا ذلك في الحديث، كما أن طائفة من الحفاظ أتقنوا الحديث، ولم يحكموا القراءة.
وكذا شأن كل من برز في فن، ولم يعتن بما عداه.
والله أعلم.)) 11/ 542
ولو بحثنا في النشر عن كلمة (مجهول) التي أوردها فضيلتكم عن ابن الجزري وهو يتعقب الطبري في طعنه في إسناد ابن عامر، إنما أوردها من الباب المجاراة مع الطرف الآخر، ولو بُحث في النشر عن كلمة (مجهول) لم يستخدمها ابن الجزري سوي في موضعين.
¥