تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جهة ثبوت القراءة، أمّا من جهة الإسناد فلا بدّ من إسناد ما هو صحيح وموافق لشروط الصحّة وهذا الذي حمل ابن الجزريّ أن ينقل أصحّ ما لديه من الأسانيد وأعلاها ولم يُدخل في نشره من اتّهم في عدالته

من خلال كلام ابن الجزريّ عليه رحمة الله يمكن استخراج الشروط التالية:

- اتصال السند

- العدالة

- الضبط

- والشهرة عند أهل الأداء فيخرج عن ذلك ما اشتهر عند أهل اللغة ولم يشتهر عند أهل الأداء

- وعدم عدّها عند أهل الأداء من الغلط وأن عدّها أهل اللغة.

- عدم الاعتداد بما انفرد به بعضهم وشذ عن الجماعة

إنّ هذا الشرط يمتاز عن شروط أهل الحديث باشتراط الشهرة ولا شكّ أنّ القراءة إذا اشتهرت عندهم فيستحيل أن تكون من الغلط. وإنما ذكر لفظ الغلط ليبيّن أنّ ما يعدّه أهل اللغة من الغلط لا اعتبار له ما دام استفاض واشتهر عند أهل الأداء، وإنّما الاعتبار الصحيح هو ما يعدّه أهل الأداء أنفسهم من الغلط وهذا ينافي الشهرة في حدّ ذاته. إضافة إلى أمتياز هذا الشرط بنفي ما انفراد الراوي به ولو لم يخالف، خلافاً لأهل الحديث فإنّهم يقبلون زيادة الثقة إن لم تخالف، وإن خالفت عُدّ ذلك شذوذاً. فيشترك أهل الحديث وأهل الأداء في اشترط عدم الشذوذ لأجل المخالفة و ينفرد أهل الأداء بترك ما انفرد به البعض ولو لم يخالف لكون ذلك مناقياً للشهرة. وقد اشترط أهل الحديث أن لا يحتوي الإسناد على علّة قادحة إذ علل الحديث كثيرة جداً، ولم يشترط أهل الأداء ذلك لأنّ اشتهار القراءة مع ثبوتها عن الثقات باتصال السند يرفع تلك العلل عن القراءة لقلّة احتمال الغلط في المشهور والمستفاض.

أعود لشيخنا أمين: ما ذكرته لكم هو نموذج للتقارب بين العلمين، بل هو نموذج لكلّ ما يجب التثبّت فيه من الأخبار سواء كان قرءان أم سنّة أم أثراً أم خبراً، فلو جاءك خبرُ عن ثقة فلا شكّ أنّك ستصدّقه وإن كان المخبر مطعوناً فيه غير ثبت فلا شكّ أنك لن تصدّقة وإن صدّقته فيكون على سبيل الشكّ والظنّ هذا من جهة، ومن جهة أخرى وجود الإسناد في كلا العلمين، والإسناد في حدّ ذلك يخضع لهذه الضوابط بغضّ النظر عن كونه قرءاناً وحديثاً، وهذا أمرٌ بديهيّ لا يحتاج إلى الإشارة إليه أو اكتشافه ولا أقول ذلك إحباطاً لجهود الشيخ أمين وإنّما أقول ذلك من باب صرف الجهود إلى ما هو أهمّ من ذلك، فالبحث لا بدّ أن تكون له ثمرة هادفة من الناحية العملية.

أمّا من حيث المتن فلا قرابة بين العلمين مطلقاً وهذا هو محلّ الفرق بينهما، فمتن الحديث كثير الاختلاف من حيث اللفظ والمضمون فبعضها في الأخبار وبعضها في الأحكام وبعضها في فضائل الأعمال، وللقطع بصحّة نسبتها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم من جهة ولأهميّتها في التشريع الإسلامي من جهة أخرى تشدّد أهل الحديث في الراوي من حيث العدالة والضبط وتوسّعوا في حصر العلل الجلية والخفية لكثرة الأحاديث واختلاف أنواعها وأصنافها خلافاً للقرءان الكريم فإنّه متواتر في الجملة محفوظ في الصدور مدوّن في السطور والخلاف فيه من حيث القراءات محصور ومضبوط إذ لو زيدت كلمة أو حرفاً لتفطّن لها المسلمون من الخواص وحتّى العوام، فلو صليت بالناس ولو في البادية وزدتّ حرفاً أو كلمة في القراءة لوجدتّ إمّا معترضاً أو مستفسراً. فلا يليق أن نعامل القرءان بقواعد أهل الحديث لاختلاف البنية والكمّية والنوعية.

ولأجل ذلك أقول لشيخنا أمين مع كلّ تحفّظ أنك طرقت باباً سيكثر فيه الجدل والنقاش من غير أيّ ثمرة علمية تأتي بقيمة إضافية لعلوم القرءان اللهمّ إلاّ مجرّد مقارنة لا أكثر ولا أقلّ، وأمّا الأدلّة التي اعتمدتّم عليها لإثبات التقارب فهي ضروريّة لكلّ ما يُسند إليه من الإخبار للتثبّت من صحّتها، مع العلم أنّ التقارب بين العلمين لا يقتصر على مجرّد التثبّت من الخبر أو وجود السند.

لكم منّي يا شيخنا وللشيخ جنيد الله وللشيخ عبد الرازق - الذي افتقدتّه منذ زمن - كلّ الاحترام والتقدير.

والسلام عليكم

محمد يحيى شريف الجزائري

ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[27 Mar 2008, 02:06 م]ـ

أخي وصديقي العزيز الشيخ محمد يحي شريف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

فأسعد الفرص هذه التي تجمعنا بكم حول مائدة دراسة علم القراءات، بل الدراسات العليا في علم القراءات، فأنتم أهل بتحقيقاتكم الناجحة ومداراستكم العلمية المنهجية فيها، وقد قيل: فأدم للعلم مدارسة فحياة العلم مدارسته،

وماتوصلتم إليه في قضية الدراسة الإسنادية خصوصا ممتاز،

وهي قضية لازالت تحتاج إلى المزيد من التأمل منا جميعا،

متابعة لمن رأى المقاربة بين العلمين في هذه المسألة، ومحاورة لمن لم يراها واقتصر على رؤية خاصة عند القراء.

وقد أثرتم القضية الثانية وهي المتن،

ولعلك أخي الكريم نبهتني إلى قضية التحريرات التي كانت ولازالت عند علماء القراءات،فمتن القراءات وجد اهتماما أكثر من تاريخ القراءات، أعني (اختلاف القراءات وسببه وتاريخه وتنوعه .. الخ)

لذا وجد متن القراءات (الأصول والفرش اهتماما كبيرا هذه حقيقة مهمة،

ومؤلفات هذا النوع كثيرة جدا وقد تحصل لابن الجزري منها ستة وخمسون مصدرا تقريبا .. ثم توصل إلى أن جمعها في النشر ....

لكن الغريب أن المتن (متن السبع) كان عند ابن مجاهد في السبعة محدودا، حتى استقر عند الداني، وأما العشر فلم يتسن استقرارها إلا في عصر ابن الجزري،

وهنا ملاحظة: كيف قرر المحدثون والأصوليون تواتر القراءات، في حين أن استقرار التواتر جاء متأخرا في كل مرة كما هو معروف في تاريخ القراءات العشر؟

هذه بعض ملامح ماأردت أن أقوله في هذا الموضوع، وفقكم الله أخي الشيخ محمد شريف والشيخين الفاضلين عبد الحكيم، وعاصم الجنيد. والله الموفق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير