وقد كان وقت الشيخ علي الطنطاوي سيرة وذكريات وكان والدي يحب علي الطنطاوي كثيرا وكان يتحرى وقته، وكانوا قد ناوبوا بينهما فكان لحسن الحظ أن أستمع إلى أبي عبدالرحمن وأتعرف عليه وعلى طريقته الموسوعية،
ولم أكن أعرف أن (الظاهري) لقبه نسبة إلى تأثره وتلمذته لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم غفر الله تعالى له ولمحبيه.
وما زالت ترن في خلدي طريقته في الأداء وهو يقول: (وبذلك قرأ عُظمُ قَرَأة أهل الكوفة .. )
ولا أزعم أني فهمت مراميه كلها لكني قد تعجبت من تمييزه الحق بين نوعي الإشمام وإصراره على تعمية معناه على متلقيه، فما هو إلا جهر الصاد المهموسة، فالسين لو جهرتها لأصبحت زايا والصاد لو جهرتها لأصبحت مشمومة زاياً، ويحسن التنبيه هنا إلى أن علماء التجويد والنحو قد قالوا (بإشمام الصاد زايا) ولم يقولوا بجهر الصاد لأنهم لم يكونوا يضبطون الجهر وحق لهم ذلك، فقد كانوا رواد علم الصوت ولم يكن قد تطور في عصرهم.
ومما أثار استغرابي نسبته عبدالباسط إلى أكراد العراق وإني لأشك في ذلك لسحناء الشيخ المصرية، وإن كان كثير من الأكراد قد بقوا في مصر منذ عهد بني أيوب، لكن يقال إن أحمد شوقي والعقاد كرديان وبالغ آخرون فعدوا ابن حجر وابن تيمية أيضا ولا أظن، ويمكنني التأكد من ذلك من عمار بن الشيخ عبدالباسط الذي يعمل أستاذا مساعدا في جامعة الشارقة ولم يتيسر لي لقاؤه.
وأكثر ما أثلج صدري في مقالة أبي عبدالرحمن أمدّ الله في عمره نفحاته الحزمية (ومن أجلها تسمى بالظاهري) التي تجلت في إشادته بنظرية المعرفة، ونعيه الضمني وتألمه الظاهر لإهمال أهل السنة ولا سيما علماء الحجاز و"نجد" للعلوم العقلية، وقد وظّف متهكما مقولتهم (من تمنطق تزندق) على أحسن وجه. إذ والحق يقال والله من وراء القصد، لا مستقبل للعلم دون إحياء الاهتمام بنظرية المعرفة وقيام علماء السنة الكبار والمتصدرين للفقه والعلوم الشرعية بقراءة أهم كتب نظرية المعرفة البشرية وتاريخها مثل كتاب سارطون تاريخ العلم، وكتاب تشكيل العقل الحديث، وكتاب هـ جـ ويلز معالم تاريخ الإنسانية، وكتاب توينبي البشرية والأرض الأم، وكتاب علي عزة بيكوفج الإسلام بين الشرق والغرب، فليس ثم عقل مسلم مستقل عن عقل الإنسان بل إن المسلم إنسان حامل رسالة إلهية إلى الإنسانية وعليه إتقان نظرية المعرفة والتجديد فيها. فأساس (نظرية المعرفة) وحدة قوانين الفكر البشري التي خاطب بها القرآن بني الإنسان في كل زمان (قل هاتوا برهانكم).
ولو تأسست جامعاتنا -حتى أقسام العلوم الشرعية-على نظرية المعرفة لأحرزت تقدما ينهض بمجتمعاتنا وأصبح الجمهور مميزا بين العلم الحق وبين الخطاب التعبوي الذي نشهده اليوم في منتديات تقوم على القص واللصق،،
هذه النفحة الحزمية من أبي عبدالرحمن هي العرق الحي النابض في علماء الحجاز نفع الله بهم
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[18 May 2007, 08:45 ص]ـ
السلام عليكم
يحسب لهذا الشيخ الدعوة لتدبر القرآن وحث علي العمل به، وهذا شئ جميل وهو الأصل في القرآن التدبر والعمل بمقتضاه،، فجزاه الله خيرا.
وأيضا ساق هذه العبارة الرائعة وأضعها دون تعليق لروعتها وهي لا تحتاج لتعليق ((: ج- رأوهم حليقي اللحى، وهي معصية تشمئز منها بيئتنا.
د- قرأوا وسمعوا من أخبار بعضهم أنه يشرب الدخان، ويشرب بعضهم ما يمزج مع الدخان أو ما هو مثله مما روجه دجالو الصوفية المدعون الجذب والكشف والوجد .. ولا ريب أن الدخان وحده يرفضه الاجتهاد بالاستنباط إلى درجة التحريم؛ لمضاره الدنيوية، ولعزله صاحبه عن الاختلاط الطويل بالصالحين .. وهذا حق في ذاته، ولكنه لا يطفئ نور الإيمان، ولا يصد عن ذكر الله، ولا يقسي القلب، ولا يمنع من الاستنصار بالله على الهوى والنفس والشيطان وضعف الإرادة؛ فتحصل العصمة على المدى، ونية المؤمن خير من عمله، والطاعات وإن صغرت تجر إلى طاعة أكبر على المدى أيضا، والإقلاع عن بعض الذنوب وإن صغرت يجر إلى التجرد من الفواحش ما ظهر منها وما بطن على المدى أيضا، وربما رفع الله درجة المؤمن العاصي إلى درجة المحسنين، وجعل خلقه القرآن، وختم له بخير؛ فمحيت ذنوبه؛ فكان كيوم ولدته أمه، ولم يجد أمامه إلا رحمة ربه وعمله القاصر أو الطيب الذي ختم له به مضاعفا أضعافا كثيرة بإحسان ربه، ونحن لا
¥