تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا كان علم التجويد فيه مجال للاجتهاد فثم سؤال يتعلق بوسائل الاجتهاد وأدواته،وهو: هل يمكن الإفادة من وسائل الدرس الصوتي الحديث في ذلك، لاسيما أن موضوعهما في الأساس واحد؟

ومن المعلوم لديكم أن علم التجويد نشأ من خلال علمين، هما: علم القراءات وعلم اللغة العربية، وتحصل من ذلك علم جديد، هو علم التجويد، وموضوعه كيفية إجادة النطق بقراءة القرآن على الطريقة المتلقاة عن أئمة القراءة، واستخدم علماء التجويد ما تيسر لهم من المباحث الصوتية لدى علماء القراءة وعلماء العربية في دراسة ظواهر النطق القرآني، وبنوا عليها دراستهم حتى صار علم التجويد علماً متميزاً في موضوعه ومباحثه.

والمتتبع لكتابات علماء التجويد عبر القرون يجد أن كثيراً منهم قد أبدعوا مباحث جديدة، وأتوا بأفكار لم يسبقهم إليها من تقدمهم، ولا أستثني من ذلك حقبة معينة، فحتى العصور المتأخرة قد شهدت إنجازات علمية متميزة في دراسة الأصوات من خلال مباحث علم التجويد.

وإذا كان الأمر كذلك، فهل لنا أن نجتهد كما اجتهدوا، وهل يجوز لنا أن نستعين بوسائل الدرس الصوتي الحديث في فهم ظواهر النطق القرآني، كما استفادوا مما كتبه سيبويه وعلماء العربية الآخرين عن أصوات اللغة العربية، أم يجب علينا التمسك بكل ما قاله سيبويه ومكي والداني وغيرهم من أساطين هذا العلم – رحمهم الله جميعاً- حتى " ولو كان ناقصاً"، " ولو لم يكن دقيقاً"، كما جاء في تعليقكم أخي محمد يحيى شريف الجزائري، وهل المتابعة المطلوبة تمنع الإفادة من كلام: إبراهيم أنيس " وغيره من أهل الأصوات، إذا كان لديهم بعض ما يكشف من أسرار الصوت الإنساني؟

الذي ترجح عندي، وأرجو ألا أكون مجانباً للصواب هو: وجوب الإفادة من وسائل الدرس الصوتي الحديث في دراسة علم التجويد، على الرغم من أن تلك الوسائل صناعة غير إسلامية، لأن كثيراً مما حققه علم الأصوات يرقى إلى مستوى الحقيقة العلمية، فكما أننا نستورد منجزات العلم الحديث في الطب والعلوم والصناعات، فإن اقتباس حقائق علم الصوت عنهم أمر مفيد يعزز دراسة علم التجويد ويسهلها على المتعلم، ويبرز القيمة العلمية لجهود علماء التجويد، من غير أن نغير شيئاً من أصول القراءة القرآنية.

وإذا كان لابد من تحقق عدالة من نأخذ عنهم علم الصوت الحديث فإن ذلك أمر ممكن الآن، فقد صار لدينا اليوم تراث صوتي عربي إسلامي خالص، كتبه أساتذة فضلاء مشهود لهم بالدين والصلاح، تخصصوا بدراسة علم الصوت الحديث، وطوعوه لخدمة لغة القرآن، لكن لا يزال هناك كثير مما يجب عمله لمواكبة منجزات العلم، وفي مقدمة ذلك تأسيس مختبرات دراسة الصوت وتحليله، إلى جانب المختبرات التعليمية للغة، وجعلها متاحة للباحثين والدارسين والمتعلمين.

وأود أن أذكِّر الإخوة الذين لديهم اعتراضات على ذلك، بأن تبني المنهج الصوتي الحديث في دراسة علم التجويد، لن يؤدي إلى تغيير القراءة القرآنية، كما أنه لن يغير من شكل هذا العلم، ولن يؤدي إلى قطع صلتنا بمصادره الأولى، فأكثر مباحث علم التجويد جاء علم الصوت الحديث ليؤكد صحتها ودقتها.

وإذا كانت هذه المقدمة مقبولة لديكم، فإني سوف أعرض تعريف الصوت المجهور والمهموس عند المحدثين وعند علماء العربية والتجويد، لنبني على ذلك مناقشة موضوع الطاء، الذي كان محور هذه المناقشات والمحرك لها، ثم يمكن التعريج على ما أثير من قضايا في أثناء ذلك، إن شاء الله تعالى.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[27 Jun 2007, 06:31 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

شيخنا الفاضل جزائك الله خيراً على هذه المقدّمة المباركة وأسأل الله تعالى أن يرينا الحقّ ويرزقنا اتباعه وبعد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير