تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإنّ قضية هذا البحث أعلاه، تتعلق بتوجيه رسم المصحف، وبجمع وترتيب قواعده، وهي مسألة جديرة بالاهتمام، لذا كنت أثنيت على البحث الذي قدمه بين أيدي ملتقى أهل القراءات، فضيلة الشيخ سامح سالم عبد الحميد، حفظه الله، وأشدت به كبحث جميل لأنه اعتمد في وضع القواعد التي جمعها ورتبها على علماء معروفين كالداني،وابن معاذ الجهني رحمهما الله، ثم الدكتور غانم قدوري، حفظه الله، فكانت بذلك دراسة وجيهة تستحق ماقيل فيها من مدح وثناء.

وبعد أن قرأت تعليق الإخوة سلمهم الله، رأيت قبل أن يكون نسخة أكترونية –كماقترحت-،أن يقوم الباحث بتقويم عمله ويأخذ بملحوظات ناظريه، في ملخص ختامي لهذا البحث يكون على شكل نتائج مستفادة منه، يستأنس فيه برأي الإخوة المداخلين، ولاضيرعليه في ظل وجود مدرستين قائمتين في هذه المسألة.

وإثراء للبحث أضيف رؤيتي التي ظهرت لي بعد تأمل في مقولة (الرسم لايعلل) كماذكر بعض الإخوة.

قأقول: التعليل يجوز إذا كان مبنيا على التفصيل والنظر، وعلى دلائل متوفرة في المسألة إذا درست من كافة نواحيها.

وفي دراسة وقفت عليها بعنوان ابن خلدون ورسم المصحف العثماني، للدكتور محمد حسين أبو الفتوح، توصل الباحث بعد دراسة وتتبع ومقارنة، لرأي ابن خلدون في رسم المصحف، وسبب اختلاف الرسوم في المصاحف اختلاف القراءات، وتعدد القراءات هو تعدد لهجات في لغة واحدة وهي لغة قريش، وفي مفهوم كلمة عرب عند ابن خلون، ورسم المصحف العثماني والإملائي الحديث، إلى حقائق مهمة، وقدحاولت أن ألخص مافهمته من هذا الكتاب المهم بغية التسهيل والتوضيح لماقرأته وفهمته منه،

أولاً: رسم الصحابة، لابد من النظر فيه من جهتين:

1 - من جهة أن (الكلمات المرسومة) مثل (رحمت وسنت) /14، ترجع الى خصائص الخط النبطي التي انتقلت الى الخط العربي في المدينة وظهر واضحا في رسم المصحف العثماني .. /15وهو راي البلاذري وابن خلدون والفراء وغيرهم.

2 - من جهة وجود قراءات متعددة في لغة واحدة استلزم نمطا خاصا ليسع تلك القراءات المتعددة واهتدى الصحابة إلى هذا رضوان الله عليهم .. /17

وتمتنع جهة ثالثة: وهي توجيه رسم الصحابة بالمعنى كما جاء في بعض الكلمات مثل: (ولأوضعوا) فوجهه بعضهم بأنه للتنبيه على أن المؤخر أشد في الوجود من المقدم عليه لفظا فالذبح أشد من العذاب والإيضاع أشد فسادا من زيادة الخبال (البرهان1/ 381)، و (لأذبحنه) قالوا فيه بأنه تنبيه على أن الذبح لم يقع،و (باييد) قالوا فيه إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية .. قال أبو العباس المراكشي: انما كتبت باييد بياءين فرقا بين الايد الذي هو القوة وبين الأيدي جمع يد ولاشك ان القوة التي بنى الله بها السماء هي احق بالثبوت من الأيدي فزيدت الياء لاختصاص اللفظة بمعنى أظهر ... /21.

وقد علق الباحث على كلام المراكشي الأخير هذا بقوله: فالحقيقة أنه ليس لدينا مايثبت أن (كتبة المصاحف في عهد عثمان) كانوا يقصدون من زيادة الياء في مثل هذا (اللفظ) هذا (المعنى) الذي أورده أبو العباس بالإضافة إلى أن هذا يحوجنا دائما إلى تبرير كل ماجاء ناقصا أوزائدا في الرسم العثماني وقد يكثر التبرير وتتعدد الآراء مما يجعلنا نقع في شيء من التخبط/17.

ثانيا: شخّص المؤلف شبهة في المسألة، وهي دعوى أن مارسمه الصحابة وكان مخالفا، ترجع إلى عدم دقة الصحابة فيه، ورد عليها، فقال:

لكن ماذا نفعل حيال من يغفل حال الصحابة من معرفتهم للكتابة، ويغفل القراءات التي جمعتها لغة قريش، ويغفل الكتابة العربية وتطورها ويحيل مايراه في رسم المصحف في مخالفته لقواعد اللغة العربية وفن الإملاء أو النحو إلى عدم دقة الخط في المصحف .. ؟؟

ورد على ذلك بقوله: فالحق يقال: إن الصحابة بذلوا جهدا كبيرا ... .فحافظوا على النبع الثري للهجات العرب في الرسم القرآني ألا وهي القراءات .. /33.

ثالثا: يوضح هذا الباحث قضية مهمة وهي أنه قد يُخطئ من يقول: إن رسم (المصاحف العثمانية) سر من الأسرار التي لم تهتد إلى حله فحول العلماء ونوابغ العقلاء.

ثم يستدرك فيقول: أما إذا قصد من كلمة سر إبداع الصحابة رضوان الله عليهم في كتابة المصحف بهذه الطريقة التي شملت القراءات كلها فليس هناك خطأ في كلامهم/29.

قلت: لعله يقصد إنه ليس سرا رسم المصاحف بمايخالف اللغة وقواعدها، وإنما السرفي إبداع الصحابة في الكتابة .. والله أعلم.

أخيراً: أضيف لبحث الشيخ سامح سلمه الله، كلاما من بحث جديد، ليكون ضمن أدلته:

يقول محمد شملول في كتابه: (إعجاز القران وإعجاز التلاوة):ولقد جاء تغير مبنى الكلمة ليوحي بالمعاني المتجددة للكلمة في كل عصر بما يتوافق مع معطيات هذا العصر وبمايفيض الله على عباده المؤمنين من فهم وعلم في كل العصور ... إن جهدي في هذه الدراسة بل وجهد كل من يتدبر القران هو جهد قاصر وإنما هي تأملات بشرية تحتاج الى تضافر كل الجهود .. انه من خلال دراستي لرسم الكلمة القرآنية وتلاوتها فإنني اعتقد أن الإعجاز القادم للقران الكريم هو إعجاز رسم القران وإعجاز تلاوته .. إنه من الواجب على كل قارئ للقران التركيز على تدبر رسم كل كلمة قرآنية ولماذا جاءت على هذا الشكل من حذف للألف في بداية الكلمة أونهايتها .. ان تغير رسم الكلمة أوشكلها لابد وأن يؤدي إلى تغير معناها لا يمكن أن يتغير رسم الكلمة القرآنية عبثا .. /56

فائدة هذا الكتاب قدم له فضيلة الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية.

هذا وأستغفر الله وأتوب إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير