تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا القول عن الشيخ الحجازي.

سؤال: لماذا وصف القدامى بأنّ القلقلة تشبه صوت الحركة؟

كما هو معلوم أنّ الحرف إمّا أن يكون ساكنا أو متحرّكاً. فإن كان متحرّكاً فإنّ الحركة تنشأ من افتراق عضوي المخرج سواء كانت الحركة بالفتح أو بالضمّ أو بالكسر. فعندما ننطق بالظاء المفتوحة مثلاً نجد أنّ طرف اللسان يعتمد على أطراف الثنايا العليا ثمّ يفترق العضوان عند التحريك، ففي البداية يكون احتكاك ثمّ ينتهي بالافتراق عند التحريك أي افتراق طرف اللسان بالثنايا العليا، بخلاف ما إذا كانت الظاء ساكنة فطرف اللسان يبقى دائماً محتكّاً بأطراف الثنايا ما دام الصوت في حالة جريان. إذن فعند التحريك يفترق العضوان، وعند التسكين يحتكّ العضوان من غير افتراق.

ومّما يجب التنبيه عليه أنّ قوة تصويت الحرف تكون بتحريكه بخلاف العكس أي ضعف تصويته يكون بتسكينه ومن تأمّل في صوت الفاء الساكنة والمتحركة يجد أنّ الفاء المتحركة أقوى تصويتاً من الساكنة وهذا نجده في المهموس والرخو وفي الرخو دون المهموس وفي المهموس دون الرخو فالأوّل مثاله الفاء والثاني مثاله الظاء والثالث مثاله الكاف والتاء.

أمّا بالنسبة لحروف القلقة فإنّها شديدة ومجهورة أي في مقابل الرخو والمهموس، أي لا صوت يجري ولا نفس يجري فانحبس الصوت والنفس ولو بقي العضوان في حالة الاحتكاك لما خرج الصوت. فاحتاج الحرف إلى افتراق عضويه حتى يتمكن الصوت من الخروج دفعة واحدة، بخلاف المهموس فلا داعي لفتراق عضويه لخروج النفس، وهو كذلك في الرخو لخروج الصوت.

إذن يكون افتراق العضوين عند الحرف المتحرّك وفي الساكن المقلقل. هذا الذي حمل القدامى على تشبيه المقلقل بالمتحرّك لأجل افتراق عضوي مخرج الحرف. ولأجل ذلك قال المرعشيّ رحمه الله تعالى: " أقول: وذلك الصوت الزائد يحدث بفتح المخرج بتصويت، فحصل تحرّك مخرج الحرف وتحريك صوته، أمّا المخرج فقد تحرّك بسبب انفاك دفعيٍّ بعد التصاق محكم، وأمّا الصوت فقد تبدّل في السمع وذلك ظاهر، فلك تعريف القلقلة بتحريك الصوت وتحريك المخرج ... " جهد المقل

وقال رحمه الله: " وذلك لأنّ معنى القلقلة هو الصوت الزائد الحادث عن فتح المخرج بعد حصول الحرف بضغطه ... " بيان جهد المقلّ.

والذي يظهر والله أعلم أنّ الخلاف في المسألة كان لفظياً في وقت المرعشي ثمّ صار عند المتأخرين حقيقياً لأنّ كلام المرعشيّ رحمه الله تعالى مبنيّ على الاجتهاد وليس مبنيّ على نصوص ولا مشافهة والدليل على ذلك أنّه لم يستشهد بأيّ نصّ ولم ينسب ذلك القول إلى المشافهة فقال:" أقول الظاهر أنّه يشبه تحريكه بحركة ما قبله " فاستعمل العبارة التي ليس لها مدلول القطع واليقين ولو كان الخلاف في المسألة ثابتا بالنصّ والمشافهة لنقل ذلك. وكذلك مكي نصر حيث لم يقطع بذلك بل نقل الكلام عن الشيخ الحجازي ويُحتمل أن يكون ناقلاً لكلام المرعشيّ لاعتماده عليه كثيراً في كتابه نهاية القول المفيد. ولو كان الأمر متواتراً أو مشهوراً لكثرت أقوال العلماء لا سيما القدامى في ذلك.

زيادة على ذلك أنّ الأصل في الحرف الساكن ألاّ يشوبه حركة، حيث يجب تخليص السواكن كما يجب تخليص الحركات إلاّ ما استثني بالنصّ والأداء. قال أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى: " أمّا المسكّن من الحروف فحقّه أن يُخلى من الحركات الثلاث ومن بعضهنّ " التحديد ص 95. وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: " وكذلك السكون ينبغي ألاّ تستوفيه إشباعاً فيخرج إلى التشديد أو السكون ومساواة حال قطع الكلام بوصله ولا يزعجه وينفره فيصير حركة أو بعضها، بل يجعل الحركات والسكنات وزناً واحداً وقدراً معلوماً وكيلاً سواءً، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ... " الموضح ص191. أقول: كلامهما يدلّ على وجوب تخليص السكنات وعدم إمالتها إلى الحركة أو إلى بعض الحركة سواء كان الساكن مقلقلاً أم لا حيث كلامهما مطلق لا مقيّد له، فيبقى الأمر على الإطلاق. ولمّا كان التحريك المراد منه افتراق عضوي المخرج يظهر جلياً ضعف مذهب أولائك الذين يريدون التعمّد والتصنّع في إمالة القلقلة إلى الحركة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير