القراءة، فالقراءة في نفسها صحيحة لكن سندها في هذه الرواية شاذ لانقطاعه. وهذا معلوم لمن كانت له معرفة بعلم الرجال في مصطلح الحديث، فهناك أحاديث صحيحة المتن والإسناد ووردت في بعض كتب الحديث بأسانيد ضعيفة أو منقطعة، فيكون الحديث في هذا الكتاب صحيح المتن ضعيف الإسناد.
وبناء عليه فاختلال شرط التواتر في سند هذه القراءات هو الشاذ حتى مع توفر الركنين الآخرين وهو ما أشار إليه ابن الجزري بقوله (وقولنا: صح سندها، فإنا نعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله، كذا حتى تنتهي) النشر (1/ 18) وإني أقول للدكتور الجكني: هل هذه الأسانيد منقولة عن العدل الضابط إلى منتهاها، هذا هو مناط الخلاف في هذه القضية، وعلى كل حال فهو اجتهاد من الباحث إنْ أصاب – وهو المرجو إن شاء الله – فله أجران، وإن أخطأ مع سلامة نيته وحسن قصده – فله أجر اجتهاده ولا يعلم النوايا إلا عالم الخفايا سبحانه وتعالى.
وقد عجبت من حيدة الدكتور الجكني عندما واجهه الدكتور أنمار بهذا الضابط وصَرَّحَ له به وأعجب منه قوله (اعتذار وجيه) فإذا كان وجيهاً فلماذا كل هذه الجلبة؟ ولم لم تلتمس لأخيك العذر من أول وهلة، وتخفف من حدة عبارتك وإني لأعجب كذلك من قوله (قصارى مافي الأمر أنه ثابت عن شخص دون شخص، أما حقيقته فهو ثابت، فهو لم يختل من جميع القراء) فانظر إلى قوله (ثابت عن شخص دون شخص) وقوله (فهو لم يختل من جميع القراء) فهذا يعني أن هناك أشخاصاً لم يثبت عنهم، وأنَّ هناك من اختل منهم هذا الشرط وهذا هو عين ما أردته، فأنا لم أنقل القراءة عمن ثبتت عنهم وإنَّما عمن اختلت عنهم.
وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار. كما أشار إلى ذلك الدكتور أنمار بقوله (اللفظة متواترة عن نافع مثلاًُ لكنها شاذة عن ابن كثير).
ولا يعني القول بشذوذ السند شذوذ القراءة أو القول بعدم قرآنيتها كما هو لازم قول الدكتور الجكني فهذه نتيجة خاطئة لمقدمة غير صحيحة.
رابعاً: فيما يتعلق بالاستعاذة والبسملة فالقول فيهما كالسابق، فالمقصود من إيرادهما هو شذوذ سندهما بهذه الصيغة.
وأما قوله (فهذا شيء لا أعرفه) فإن كان لا يعرفه فغيره قد عرفه، وهذا ابن الجزري يورد في طيبة النشر أربعة أبيات في الاستعاذة ويذكر النويري في شرحها ثماني صيغ. وقل مثل ذلك في بقية كتب القراءات.
فلا أدري أنحتكم بعد ذلك إلى معرفة الدكتور الجكني أم إلى علم هؤلاء الأعلام.
أخيراً وليس آخراً أشكر الأخوين الكريمين الدكتور أمين والدكتور أنمار على حسن أدبهما واعتذارهما لأخيهما، وأهمس في إذن أخي الدكتور عبد الرحمن الصالح بالتروي والتأني وعدم الاستعجال في رده. فأي اعتذار يريد، ولا أدري من الأولى بالاعتذار.
وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يجعل ما قلته حجة لي لا علي، وأن يغفر لي ولأخي الدكتور الجكني ولأهل هذا الملتقى خاصة ولجميع المسلمين عامة، وأن يجعلنا أخوة متحابين نجتمع على كتاب الله وننهل من معينه ونتأدب بأدبه ونتخلق بأخلاقه:
يا حامل القرآن إن تك هكذا
فلك الهنى بفوز عقبى الدار
ومتى أضعت حدوده لم تنتفع
بحروفه وسكنت دار بوار
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،،
20/ 8/1428هـ
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[03 Sep 2007, 02:14 ص]ـ
الحمد لله والصلاة ةالسلام على رسول الله وعاى آله ومن والاه وبعد
شكرا للأخ الدكتور الجهني على سرعة رده وبيانه وأعدها فرصة تعرفي عليه وتشرفي بمعرفته
و هذه القضية البسيطة التي يصح فيها قولهم اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وددت فيها
أن أعلق تعليقا بسيطا يلقي بعض الضوء عليها. فنحن أعضاء ملتقى االتفسير كالأسرة الواحدة
والخلاف في العلم إنما هو تزاحم العلماء بالركب لا يصمي ولا يصم، ولا يسوء ولا ينوء، بل كله خير بإذن الله
إنّ القضية علمية وليست أخلاقية
وإن كاتب المقال الدكتور الجكني قد كتب \مقالا علميا مدعما بالحجج التي كان منها على يقين جعله يبدو
منفعلا ومحتدا وليس في كلماته على حدتها إساءة إلى أحد وإن أوهمت حدتها بخلاف ذلك
بل هي في منتهى الأدب والذوق فقلب الجكني الكبير لا ينضح إلا بكل حلو ونفيس وسرور وحبور
وفيه يصح قول الشاعر
أنا كالنحل لو دروا ما بقلبي * من رحيق ومن جنى أكلوني
وبصدد علمية البحث وقد وضح للجميع الآن نقول للأخ الجهني هذه خصائص البحث العلمي فيه من التعب والصعوبات بقدر ما فيه من المزيات
فإن الباحث قد قام بخطوتين إحداهما علمية وهي استخراج القراءات من كتاب الغاية، وهو الى هذه الغاية مصيب مأجور غير مأزور
والثانية هي مفهومه للشاذ وهو مقتل الفرس، والحجج التي سطرها للدفاع عن منهجه لا تقنع القارئ المحايد وتزيد الطين بلة
فإذ ذلك كذلك أقول للأخ الجهني هدئ من روعك فليس في المسألة إساءة لشخصك ولا لعلمك بل بيان لأسباب انحراف سهم أطلقته عن هدفه
وأنا متأكد من امتلاء جعبتك بسهام لا تشوي ولا تخطي ـ لأنك تغرف من بحور ويسطع من ثاقب فكرك أبلغ برهان وأسطع نور. ولئن جانفت الصواب فيكفيك حسن نيتك وصدق اجتهادك
أعلن تأييدي للدكتور الجكني وأطالب الباحث -حبا وكرامة-أن يبادر إدارة المجلة فيعيد نشر البحث متلافيا نقد الجكني إذ الحق احق ان يتبع
وجهود الباحث المشكورة وتعبه الجمّ ومكانة المجلة المرموقة لا تسوغ نشر البحث إذا كان قد أبعد النجعة في منهجه وتبنى مفهوما للشاذ يخالف سلامة منهج السلف وعلم الخلف
ـو الأحسن من ذلك أن يطالبها صاحب البحث بذلك ـ وبهذا يشير عليه أخوه الصغير كاتب هذه السطور أو ينشر توضيحا يبين فيه أسباب تغييره في بنية البحث
وأسأل الله أن يحفظ لنا أخوينا الكريمين الجهني والجكني وأن ينفعنا بعلمهما الغزير وخلقهما الرفيع وتواضعهما الكبير إنه أكرم مسؤول وخير مأمول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طفل من السلف جاء إلى الخليفة عبدالملك بن مروان يقود شيخا يطالبه بحقه فقال له أما تستحي تقود شيها أكبر من أبيك
فقال الحق أكبر منه
¥